الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6786 ) مسألة : قال : وإن كان القتل خطأ ، كان على العاقلة مائة من الإبل ، تؤخذ في ثلاث سنين أخماسا ، عشرون بنات مخاض ، وعشرون بني مخاض ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة لا يختلف المذهب في أن دية الخطأ أخماسا ، كما ذكر الخرقي . وهذا قول ابن مسعود ، والنخعي ، وأصحاب الرأي وابن المنذر وقال عمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والزهري ، والليث ، وربيعة ، ومالك ، والشافعي : هي أخماس ، إلا أنهم جعلوا مكان بني مخاض بني لبون .

                                                                                                                                            وهكذا رواه سعيد ، في " سننه " ، عن النخعي عن ابن مسعود وقال : الخطابي روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم ودى الذي قتل بخيبر بمائة من إبل الصدقة . وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض } . وروي عن علي والحسن ، والشعبي ، والحارث العكلي وإسحاق ، أنها أرباع ، كدية العمد سواء . وعن زيد ، أنها ثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون بنت مخاض . وقال طاوس : ثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون بنت مخاض ، وعشرون بني لبون ذكور ; لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن { رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن من قتل خطأ ، فديته من الإبل ثلاثون بنت مخاض ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وعشرة بني لبون ذكور } . رواه أبو داود وابن ماجه . وقال أبو ثور : الديات كلها أخماس ، كدية الخطأ ; لأنها بدل متلف ، فلا تختلف بالعمد والخطأ ، كسائر المتلفات .

                                                                                                                                            وحكي عنه ، أن دية العمد مغلظة ، ودية شبه العمد والخطأ أخماس ; لأن شبه العمد تحمله العاقلة ، فكان أخماسا ، كدية الخطأ . ولنا ، ما روى عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { في دية الخطأ عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون بني مخاض } رواه أبو داود ، والنسائي وابن ماجه . ولأن ابن لبون يجب على طريق البدل عن ابنة مخاض في الزكاة إذا لم يجدها ، فلا يجمع بين البدل والمبدل في واجب ، ولأن موجبهما واحد ، فيصير كأنه أوجب أربعين ابنة مخاض ; ولأن ما قلناه الأقل ، فالزيادة عليه لا تثبت إلا بتوقيف ، يجب على من ادعاه الدليل ، فأما دية قتيل خيبر فلا حجة لهم فيه ; لأنهم لم يدعوا على أهل خيبر قتله إلا عمدا ، فتكون ديته دية العمد ، وهي من أسنان الصدقة ، والخلاف في دية الخطأ . وقول أبي ثور يخالف الآثار المروية التي ذكرناها ، فلا يعول عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية