الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في كراهة مشية المطيطا : ويكره في المشي المطيطا ونحوها مظنة كبر غير في حرب جحد ( ويكره ) تنزيها ( في المشي ) جار ومجرور متعلق بما قبله ( المطيطا ) نائب فاعل أي يكره الشارع المطيطا كجميزا . قال في القاموس : التبختر ومد اليدين في المشي ، ويقصر كالمطيطا انتهى . وقال في النهاية في حديث { إذا مشت أمتي المطيطا } هي بالمد والقصر مشية فيها تبختر ومد اليدين ، ويقال مطوت ومططت بمعنى مددت ، وهي من المصغرات التي لم تستعمل لها مكبر . وقال الحجاوي في شرح هذا البيت : المطيطاء ، بضم الميم ممدودا وقصره الناظم ضرورة . انتهى . وقد علمت أن القصر لغة فيها لا ضرورة والله أعلم .

وإنما كرهت مشية المطيطاء لما فيها من روائح للكبر والخيلاء والزهو والعجب ; فلهذا نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في ضمن ما رواه ابن حبان في صحيحه عن خولة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا مشت أمتي المطيطاء ، وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض } [ ص: 346 ] ورواه الترمذي وابن حبان أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

قال الحافظ المنذري : المطيطاء بضم الميم وفتح الطاءين المهملتين بينهما ياء مثناة تحت ممدودا ويقصر التبختر ومد اليدين في المشي .

وفي رواية عن ابن عمر رواها الإمام عبد الله بن المبارك والبغوي في شرح السنة { إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم أبناء الملوك أبناء فارس والروم سلط الله - تعالى - خيارها على شرارها } .

( و ) يكره في المشي ( نحوها ) أي نحو المطيطاء وفي نسخة وشبهها بدل ونحوها ، والمعنى واحد يعني أن مشية المطيطاء وما قاربها من المشيات مكروه حيث كان ذلك ( مظنة كبر ) أي إنما كرهت هذه المشية ; لأنها مظنة الكبر أو لئلا يظن به الكبر ، فإن كان الحامل له عليها الكبر والعجب حرمت ; لأن ذلك كبيرة ، وتقدم من مثالب ذلك ما فيه غنية ، والمظنة مأخوذة من الظن وهو ترجيح أحد الطرفين على الآخر ، والمرجوح يسمى وهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية