الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 169 ] فصل فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته ، عليه الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله البجلي قال : كنت باليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن ; ذا كلاع وذا عمرو ، فجعلت أحدثهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقالا لي : إن كان ما تقول حقا فقد مضى صاحبك على أجله منذ ثلاث . قال : فأقبلت وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة ، فسألناهم فقالوا : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، والناس صالحون . قال : فقالا لي : أخبر صاحبك أنا قد جئنا ، ولعلنا سنعود ، إن شاء الله ، عز وجل . قال : ورجعا إلى اليمن ، فلما أتيت أخبرت أبا بكر بحديثهم ، قال : أفلا جئت بهم . فلما كان بعد قال : لي ذو عمرو : يا جرير ، إن بك علي كرامة ، وإني مخبرك خبرا ، إنكم ، معشر العرب ، لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر ، وإذا كانت [ ص: 170 ] بالسيف كنتم ملوكا تغضبون غضب الملوك ، وترضون رضا الملوك . هكذا رواه الإمام أحمد والبخاري ، عن أبي بكر بن أبي شيبة . وهكذا رواه البيهقي ، عن الحاكم عن عبد الله بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان عنه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال البيهقي : أنبأنا الحاكم ، أنبأنا علي بن المؤمل ثنا محمد بن يونس ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، ثنا زائدة ، عن زياد بن علاقة ، عن جرير قال : لقيني حبر باليمن ، وقال لي : إن كان صاحبكم نبيا فقد مات يوم الاثنين . هكذا رواه البيهقي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد ، ثنا زائدة ، ثنا زياد بن علاقة ، عن جرير قال : قال لي حبر باليمن : إن كان صاحبكم نبيا فقد مات اليوم . قال جرير فمات يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 171 ] وقال البيهقي : أنبأنا أبو الحسين بن بشران المعدل ببغداد ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو ، ثنا محمد بن الهيثم ، ثنا سعيد بن كثير بن عفير ، حدثني عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عدي التنوخي ، عن عمرو بن الحارث ، عن ناعم بن أجيل ، عن كعب بن عدي قال : أقبلت في وفد من أهل الحيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا ، ثم انصرفنا إلى الحيرة فلم نلبث أن جاءتنا وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فارتاب أصحابي ، وقالوا : لو كان نبيا لم يمت . فقلت : قد مات الأنبياء قبله . وثبت على إسلامي ، ثم خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه ، فقلت له : أخبرني عن أمر أردته لقح في صدري منه شيء . فقال : ائت باسم من الأسماء . فأتيته بكعب ، فقال : ألقه في هذا السفر . لسفر أخرجه ، فألقيت الكعب فيه فصفح فيه ، فإذا بصفة النبي صلى الله عليه وسلم كما رأيته ، وإذا هو يموت في الحين الذي مات فيه ، قال : فاشتدت بصيرتي في إيماني ، وقدمت على أبي بكر رضي الله عنه ، فأعلمته وأقمت عنده فوجهني إلى المقوقس فرجعت ، ووجهني أيضا عمر بن الخطاب فقدمت عليه بكتابه ، فأتيته وقعة اليرموك ولم أعلم بها ، فقال [ ص: 172 ] لي : أعلمت أن الروم قتلت العرب وهزمتهم ؟ فقلت : كلا . قال : ولم ؟ قلت : إن الله وعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن يظهره على الدين كله ، وليس بمخلف الميعاد . قال فإن نبيكم قد صدقكم ; قتلت الروم والله قتل عاد . قال : ثم سألني عن وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فأهدى إلى عمر وإليهم . وكان ممن أهدى إليه علي وعبد الرحمن والزبير . وأحسبه ذكر العباس ، قال كعب : وكنت شريكا لعمر في البز في الجاهلية ، فلما أن فرض الديوان فرض لي في بني عدي بن كعب . وهذا أثر غريب ، وفيه نبأ عجيب وهو صحيح .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية