الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 116 ] ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما .

تذييل لجملة وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما وإنما عطفت باعتبار إلحاقها بجملة ومن يطع الله والرسول على جملة ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به . وجيء باسم الإشارة في جملة جواب الشرط للتنبيه على جدارتهم بمضمون الخبر عن اسم الإشارة لأجل مضمون الكلام الذي قبل اسم الإشارة . والمعية معية المنزلة في الجنة وإن كانت الدرجات متفاوتة .

ومعنى من يطع من يتصف بتمام معنى الطاعة ، أي أن لا يعصي الله ورسوله . ودلت " مع " على أن مكانة مدخولها أرسخ وأعرف .

وفي الحديث الصحيح أنت مع من أحببت . والصديقون هم الذين صدقوا الأنبياء ابتداء ، مثل الحواريين والسابقين الأولين من المؤمنين . وأما الشهداء فهم من قتلوا في سبيل إعلاء كلمة الله . والصالحون الذين لزمتهم الاستقامة .

و ( حسن ) فعل مراد به المدح ملحق بنعم ومضمن معنى التعجب من حسنهم ، وذلك شأن " فعل " بضم العين من الثلاثي أن يدل على مدح أو ذم بحسب مادته مع التعجب ، وأصل الفعل " حسن " بفتحتين فحول إلى فعل بضم العين لقصد المدح والتعجب . و " أولئك " فاعل " حسن " . و " رفيقا " تمييز ، أي ما أحسنهم حسنوا من جنس الرفقاء .

والرفيق يستوي فيه الواحد والجمع ، وفي حديث الوفاة الرفيق الأعلى . وتعريف الجزأين في قوله ذلك الفضل من الله يفيد الحصر وهو حصر ادعائي لأن فضل الله أنواع ، وأصناف ، ولكنه أريد المبالغة في قوة هذا الفضل ، فهو كقولهم : أنت الرجل .

والتذييل بقوله وكفى بالله عليما للإشارة إلى أن الذين تلبسوا بهذه المنقبة ، وإن لم يعلمهم الناس ، فإن الله يعلمهم والجزاء بيده فهو يوفيهم الجزاء على قدر ما علم منهم ، وقد تقدم نظيره في هذه السورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية