الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ما ذكر في القرآن عن قصة الفيل ، وشرح ابن هشام لمفرداته ]

قال ابن إسحاق : فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ، ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم ، فقال الله تبارك وتعالى : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول

وقال : [ ص: 55 ] لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف

أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .

قال ابن هشام : الأبابيل : الجماعات ، ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه . وأما السجيل ، فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب قال رؤبة بن العجاج :

:


ومسهم ما مس أصحاب الفيل ترميهم حجارة من سجيل


ولعبت طير بهم أبابيل



وهذه الأبيات في أرجوزة له . ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية ، جعلتهما العرب كلمة واحدة ، وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج : الحجر ، والجل : الطين . يعني : الحجارة من هذين الجنسين : الحجر والطين . والعصف : ورق الزرع الذي لم يقصب ، وواحدته عصفة . قال : وأخبرني أبو عبيدة النحوي أنه يقال له : العصافة والعصيفة . وأنشدني لعلقمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم :

:


تسقى مذانب قد مالت عصيفتها     حدورها من أتى الماء مطموم

وهذا البيت في قصيدة له . وقال الراجز :


فصيروا مثل كعصف مأكول



قال ابن هشام : ولهذا البيت تفسير في النحو .

[ ص: 56 ] وإيلاف قريش : إيلافهم الخروج إلى الشام في تجارتهم ، وكانت لهم خرجتان : خرجة في الشتاء وخرجة في الصيف .

أخبرني أبو زيد الأنصاري ، أن العرب تقول : ألفت الشيء إلفا ، وآلفته إيلافا ، في معنى واحد وأنشدني لذي الرمة : من المؤلفات الرمل

أدماء حرة شعاع الض     حى في لونها يتوضح

وهذا البيت في قصيدة له . وقال مطرود بن كعب الخزاعي :


المنعمين إذا النجوم تغيرت     والظاعنين لرحلة الإيلاف

وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى .

والإيلاف أيضا : أن يكون للإنسان ألف من الإبل ، أو البقر ، أو الغنم ، أو غير ذلك .

يقال : آلف فلان إيلافا . قال الكميت بن زيد ، أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد :

:


بعام يقول له المؤلفون     هذا المعيم لنا المرجل

وهذا البيت في قصيدة له .

والإيلاف أيضا : أن يصير القوم ألفا ، يقال آلف القوم إيلافا قال الكميت بن زيد :

:


وآل مزيقياء غداة لاقوا     بني سعد بن ضبة مؤلفينا

وهذا البيت في قصيدة له .

والإيلاف أيضا : أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه ، يقال : آلفته إياه إيلافا . والإيلاف أيضا : أن تصير ما دون الألف ألفا ، يقال : آلفته إيلافا . [ ص: 57 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية