الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : حكم النوم في المسجد ويسن صونه عن نوم ، وعنه عن نوم كثير ، وعنه : إن اتخذه مبيتا ومقيلا كره مطلقا ، وإلا فلا يكره مطلقا .

كذا أطلقوا العبارة .

وينبغي أن يخرج من هذا نوم المعتكف قاله في الآداب ، واستثناه سيدنا الشيخ عبد القادر في الغنية ، واستثنى الغريب أيضا .

وذكر الشيخ ابن عمر في الشرح الكبير في أواخر باب الأذان أنه يباح النوم في المسجد ولم يفصل .

وقال القاضي سعد الدين الحارثي من أئمة الأصحاب : لا خلاف في جوازه للمعتكف وكذا ما لا يستدام كبيتوتة الضيف والمريض والمسافر وقيلولة المجتاز ويجوز ذلك ، نص عليه يعني الإمام من رواية غير واحد .

وما يستدام من النوم كنوم المقيم به فعن أحمد المنع ، وحكى القاضي رواية بالجواز ، وهو قول الشافعي وجماعة .

قال : وبهذا أقول انتهى .

وذكر شيخ الإسلام رضي الله عنه في الفتاوى المصرية إنما يرخص في النوم في المساجد لذوي الحاجة مثل ما كان أهل الصفة ، كان الرجل يأتي مهاجرا إلى المدينة ليس له مكان يأوي إليه فيقيم بالصفة إلى أن يتيسر له أهل أو مكان يأوي إليه ثم ينتقل ، ومثل المسكينة التي كانت تأوي إلى المسجد وكانت تقمه ، ومثل ما كان ابن عمر رضي الله عنه يبيت في المسجد وهو عزب ; لأنه لم يكن له بيت يأوي إليه حتى تزوج .

ومن هذا الباب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما تقاول هو وسيدتنا فاطمة رضي الله عنها ذهب إلى المسجد فنام فيه .

قال : فيجب الفرق بين الأمر اليسير وذوي الحاجات ، وبين ما يصير عادة ويكثر وما يكون لغير [ ص: 312 ] ذوي الحاجات ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا يتخذ المسجد مبيتا ومقيلا .

وقال في موضع آخر وقد سئل عن المبيت في المسجد : إن كان المبيت لحاجة كالغريب الذي لا أهل له والقريب الفقير الذي لا بيت له ونحو ذلك إذا كان يبيت فيه بمقدار الحاجة ثم ينتقل فلا بأس ، وأما من اتخذه مبيتا ومقيلا فينهى عن ذلك والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية