الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    [ ص: 467 ] ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ( 138 ) إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ( 139 ) )

                                                                                                                                                                                                    يخبر تعالى عما قاله جهلة بني إسرائيل لموسى ، عليه السلام ، حين جاوزوا البحر ، وقد رأوا من آيات الله وعظيم سلطانه ما رأوا ، ( فأتوا ) أي : فمروا ( على قوم يعكفون على أصنام لهم ) قال بعض المفسرين : كانوا من الكنعانيين . وقيل : كانوا من لخم .

                                                                                                                                                                                                    قال ابن جريج : وكانوا يعبدون أصناما على صور البقر ، فلهذا أثار ذلك شبهة لهم في عبادتهم العجل بعد ذلك ، فقالوا : ( يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) أي : تجهلون عظمة الله وجلاله ، وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والمثيل .

                                                                                                                                                                                                    ( إن هؤلاء متبر ما هم فيه ) أي : هالك ( وباطل ما كانوا يعملون )

                                                                                                                                                                                                    وروى الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله تفسير هذه الآية من حديث محمد بن إسحاق وعقيل ، ومعمر كلهم ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن أبي واقد الليثي : أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ، قال : وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ، ويعلقون بها أسلحتهم ، يقال لها : " ذات أنواط " ، قال : فمررنا بسدرة خضراء عظيمة ، قال : فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط . فقال : " قلتم والذي نفسي بيده ، كما قال قوم موسى لموسى : ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون )

                                                                                                                                                                                                    وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان الديلي ، عن أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ، فمررنا بسدرة ، فقلت : يا نبي الله اجعل لنا هذه " ذات أنواط " ، كما للكفار ذات أنواط ، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ، ويعكفون حولها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى : ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة [ قال إنكم قوم تجهلون ] ) إنكم تركبون سنن من قبلكم "

                                                                                                                                                                                                    ورواه ابن أبي حاتم ، من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ، عن أبيه عن جده مرفوعا

                                                                                                                                                                                                    [ ص: 468 ]

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية