الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عذب ]

                                                          عذب : العذب من الشراب والطعام : كل مستساغ ، والعذب : الماء الطيب ، ماءة عذبة وركية عذبة ، وفي القرآن : هذا عذب فرات ، والجمع : عذاب وعذوب ، قال أبو حية النميري :


                                                          فبيتن ماء صافيا ذا شريعة له غلل بين الإجام عذوب

                                                          [ ص: 73 ] أراد بغلل الجنس ، ولذلك جمع الصفة ، والعذب : الماء الطيب ، وعذب الماء يعذب عذوبة فهو عذب طيب ، وأعذبه الله : جعله عذبا عن كراع ، وأعذب القوم : عذب ماؤهم ، واستعذبوا : استقوا وشربوا ماء عذبا ، واستعذب لأهله : طلب لهم ماء عذبا ، واستعذب القوم ماءهم إذا استقوه عذبا ، واستعذبه : عده عذبا ، ويستعذب لفلان من بئر كذا ، أي : يستقى له ، وفي الحديث : أنه كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا ، أي : يحضر له منها الماء العذب وهو الطيب الذي لا ملوحة فيه ، وفي حديث أبي التيهان : أنه خرج يستعذب الماء ، أي : يطلب الماء العذب ، وفي كلام علي يذم الدنيا : اعذوذب جانب منها واحلولى ، هما افعوعل من العذوبة والحلاوة وهو من أبنية المبالغة ، وفي حديث الحجاج : ماء عذاب ، يقال : ماءة عذبة وماء عذاب على الجمع ; لأن الماء جنس للماءة ، وامرأة معذاب الريق : سائغته حلوته قال أبو زبيد :


                                                          إذا تطنيت بعد النوم علتها     نبهت طيبة العلات معذابا

                                                          والأعذبان : الطعام والنكاح ، وقيل : الخمر والريق وذلك لعذوبتهما ، وإنه لعذب اللسان عن اللحياني ، قال : شبه بالعذب من الماء ، والعذبة بالكسر عن اللحياني : أردأ ما يخرج من الطعام فيرمى به ، والعذبة والعذبة : القذاة ، وقيل : هي القذاة تعلو الماء ، وقال ابن الأعرابي : العذبة بالفتح : الكدرة من الطحلب والعرمض ونحوهما ، وقيل : العذبة والعذبة والعذبة : الطحلب نفسه والدمن يعلو الماء ، وماء عذب وذو عذب : كثير القذى والطحلب ، قال ابن سيده : أراه على النسب ; لأني لم أجد له فعلا ، وأعذب الحوض : نزع ما فيه من القذى والطحلب وكشفه عنه ، والأمر منه : أعذب حوضك ، ويقال : اضرب عذبة الحوض حتى يظهر الماء ، أي : اضرب عرمضه ، وماء لا عذبة فيه ، أي : لا رعي فيه ولا كلأ ، وكل غصن عذبة وعذبة ، والعذب : ما أحاط بالدبرة ، والعاذب والعذوب : الذي ليس بينه وبين السماء ستر ، قال الجعدي يصف ثورا وحشيا بات فردا لا يذوق شيئا :


                                                          فبات عذوبا للسماء كأنه     سهيل إذا ما أفردته الكواكب

                                                          وعذب الرجل والحمار والفرس يعذب عذبا وعذوبا فهو عاذب ، والجمع عذوب وعذوب والجمع عذب : لم يأكل من شدة العطش ، ويعذب الرجل عن الأكل فهو عاذب : لا صائم ولا مفطر ، ويقال للفرس وغيره : بات عذوبا إذا لم يأكل شيئا ولم يشرب ، قال الأزهري : القول في العذوب والعاذب أنه الذي لا يأكل ولا يشرب أصوب من القول في العذوب أنه الذي يمتنع عن الأكل لعطشه ، وأعذب عن الشيء : امتنع ، وأعذب غيره : منعه فيكون لازما وواقعا مثل أملق إذا افتقر وأملق غيره ، وأما قول أبي عبيد : وجمع العذوب عذوب فخطأ ; لأن فعولا لا يكسر على فعول ، والعاذب من جميع الحيوان : الذي لا يطعم شيئا ، وقد غلب على الخيل والإبل ، والجمع عذوب كساجد وسجود ، وقال ثعلب : العذوب من الدواب وغيرها : القائم الذي يرفع رأسه فلا يأكل ولا يشرب ، وكذلك العاذب والجمع عذب ، والعاذب : الذي يبيت ليله لا يطعم شيئا ، وما ذاق عذوبا : كعذوف ، وعذبه عنه عذبا وأعذبه إعذابا وعذبه تعذيبا : منعه وفطمه عن الأمر ، وكل من منعته شيئا فقد أعذبته وعذبته ، وأعذبه عن الطعام : منعه وكفه ، واستعذب عن الشيء : انتهى ، وعذب عن الشيء وأعذب واستعذب : كله كف وأضرب ، وأعذبه عنه : منعه ، ويقال : أعذب نفسك عن كذا ، أي : اظلفها عنه ، وفي حديث علي رضي الله عنه أنه شيع سرية فقال : أعذبوا عن ذكر النساء أنفسكم فإن ذلك يكسركم عن الغزو ، أي : امنعوها عن ذكر النساء وشغل القلوب بهن ، وكل من منعته شيئا فقد أعذبته ، وأعذب : لازم ومتعد ، والعذب : ماء يخرج على أثر الولد من الرحم ، وروي عن أبي الهيثم أنه قال : العذابة الرحم ، وأنشد :


                                                          وكنت كذات الحيض لم تبق ماءها     ولا هي من ماء العذابة طاهر

                                                          قال : والعذابة رحم المرأة ، وعذب النوائح : هي المآلي وهي المعاذب أيضا واحدتها : معذبة ، ويقال لخرقة النائحة : عذبة ومعوز وجمع العذبة معاذب على غير قياس ، والعذاب : النكال والعقوبة ، يقال : عذبته تعذيبا وعذابا ، وكسره الزجاج على أعذبة ، فقال في قوله تعالى : يضاعف لها العذاب ضعفين ، قال أبو عبيدة : تعذب ثلاثة أعذبة ، قال ابن سيده : فلا أدري أهذا نص قول أبي عبيدة ، أم الزجاج استعمله ، وقد عذبه تعذيبا ولم يستعمل غير مزيد ، وقوله تعالى : ولقد أخذناهم بالعذاب ، قال الزجاج : الذي أخذوا به الجوع ، واستعار الشاعر التعذيب فيما لا حس له فقال :


                                                          ليست بسوداء من ميثاء مظلمة     ولم تعذب بإدناء من النار

                                                          ابن بزرج : عذبته عذاب عذبين ، وأصابه مني عذاب عذبين وأصابه مني العذبون ، أي لا يرفع عنه العذاب ، وفي الحديث : أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ، قال ابن الأثير : يشبه أن يكون هذا من حيث أن العرب كانوا يوصون أهلهم بالبكاء والنوح عليهم وإشاعة النعي في الأحياء ، وكان ذلك مشهورا من مذاهبهم فالميت تلزمه العقوبة في ذلك بما تقدم من أمره به ، وعذبة اللسان : طرفه الدقيق ، وعذبة السوط : طرفه والجمع عذب ، والعذبة : أحد عذبتي السوط ، وأطراف السيوف : عذبها وعذباتها ، وعذبت السوط فهو معذب إذا جعلت له علاقة ، قال : وعذبة السوط علاقته ، وقول ذي الرمة :


                                                          غضف مهرتة الأشداق ضارية     مثل السراحين في أعناقها العذب

                                                          يعني أطراف السيور ، وعذبة الشجر : غصنه ، وعذبة قضيب الجمل : أسلته ، المستدق في مقدمه ، والجمع العذب ، وقال ابن سيده : عذبة البعير طرف قضيبه ، وقيل : عذبة كل شيء طرفه .

                                                          [ ص: 74 ] وعذبة شراك النعل : المرسلة من الشراك ، والعذبة : الجلدة المعلقة خلف مؤخرة الرحل من أعلاه ، وعذبة الرمح : خرقة تشد على رأسه ، والعذبة : الغصن وجمعه عذب ، والعذبة : الخيط الذي يرفع به الميزان ، والجمع من كل ذلك عذب ، وعذبات الناقة : قوائمها ، وعاذب : اسم موضع ، قال النابغة الجعدي :


                                                          تأبد من ليلى رماح فعاذب     فأقفر ممن حلهن التناضب

                                                          والعذيب : ماء لبني تميم قال كثير :


                                                          لعمري لئن أم الحكيم ترحلت     وأخلت لخيمات العذيب ظلالها

                                                          قال ابن جني : أراد العذيبة فحذف الهاء كما قال :

                                                          أبلغ النعمان عني مألكا

                                                          قال الأزهري : العذيب ماء معروف بين القادسية ومغيثة ، وفي الحديث : ذكر العذيب ، وهو ماء لبني تميم على مرحلة من الكوفة مسمى بتصغير العذب ، وقيل : سمي به ; لأنه طرف أرض العرب من العذبة ، وهي طرف الشيء ، وعاذب : مكان ، وفي الصحاح : العذبي الكريم الأخلاق بالذال معجمة ، وأنشد لكثير :


                                                          سرت ما سرت من ليلها ثم أعرضت     إلى عذبي ذي غناء وذي فضل

                                                          قال ابن بري : ليس هذا كثير عزة إنما هو كثير بن جابر المحاربي ، وهذا الحرف في التهذيب في ترجمة عدب بالدال المهملة ، وقال : هو العدبي وضبطه كذلك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية