الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 104 ] وصية الإمام أحمد ولده بنية الخير .

قال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه يوما أوصني يا أبت ، فقال " يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير " . وهذه وصية عظيمة سهلة على المسئول سهلة الفهم والامتثال على السائل ، وفاعلها ثوابه دائم مستمر لدوامها واستمرارها ، وهي صادقة على جميع أعمال القلوب المطلوبة شرعا سواء تعلقت بالخالق أو بالمخلوق ، وأنها يثاب عليها ولم أجد في الثواب عليها خلافا قال الشيخ تقي الدين في كتاب الإيمان : ما هم به من القول الحسن والعمل الحسن فإنما يكتب له به حسنة واحدة وإذا صار قولا وعملا كتب له عشر حسنات إلى سبعمائة ، وذلك للحديث المشهور في الهم .

ويلزم من العمل بهذه الوصية ترك أعمال القلوب المذمومة شرعا ، وأن من عملها لم يبق في حرز من الله وعصمته ، وقد وقع فيما يخاف عليه فيه من الشر والعذاب ، ودل هذا النص على المعاقبة على أعمال القلوب المذمومة ، وهكذا قول الإمام أحمد رحمه الله الآتي قبل فصول تعلم القرآن والحديث : إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تحب فدم له على ما يحب .

وأما إن لم ينو خيرا ولا شرا فهذا يبعد خلو عاقل عنه . ثم نية الخير منها ما يجب بلا شك فقد فعل محرما ، فيالها من وصية ما أشد وقعها وما أعظم نفعها ، فنسأل الله تعالى لنا ولإخواننا المسلمين العمل بها . والتوفيق لها ، ولما يحبه ويرضاه آمين . فمثل هذا تكون وصايا أئمة المسلمين ، رضي الله عنهم أجمعين والله سبحانه أعلم .

وقد قيل نية المرء خير من عمله وأشرف من عمله لاعتبارها فيه بخلاف العكس . وقيل أيضا النية سبقت العمل . وهذا واضح صحيح ، وسيأتي [ ص: 105 ] في الدعاء قبيل ما يتعلق بالمصحف والقراءة والكلام في أعمال القلوب وهل يكون أجر من نوى الخير أو وزر من نوى الشر عمل شيئا معها أو لا إلا أنه لم يأت بالعمل كاملا ؟ ذكرت هذه المسألة في الفقه في باب صلاة المريض وغير ذلك وفي حواشي المنتقى في صلاة الجماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية