الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 317 ] الرواسي

                                                                                      الشيخ الإمام ، الحافظ المكثر الجوال أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم بن سعدويه بن مهمت الدهستاني الرواسي .

                                                                                      طوف في هذا الشأن خراسان والحرمين والعراق ومصر والشام والسواحل ، وكان بصيرا بهذا الشأن محققا .

                                                                                      سمع ببلده المحدث أبا مسعود البجلي الرازي وصحبه ، وبنيسابور أبا حفص بن مسرور ، وعبد الغافر الفارسي ، وأبا عثمان الصابوني ، وبحران مبادر بن علي ، وببغداد القاضي أبا يعلى ابن الفراء ، وأبا جعفر بن المسلمة ، وأمثالهم .

                                                                                      [ ص: 318 ] حدث عنه أبو بكر الخطيب شيخه ، وأبو حامد الغزالي ، وأبو حفص عمر بن محمد الجرجاني ، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق ، والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي شيخه ، وهبة الله بن أحمد بن الأكفاني ، والحافظ إسماعيل بن محمد التيمي ، ومحمد بن الحسن الجويني ، وعدة ، والسلفي بالإجازة ، وقدم طوس في آخر عمره ، فصحح عليه الغزالي " الصحيحين " ، ثم سار إلى مرو باستدعاء محدثها أبي بكر السمعاني ليحملوا عنه ، فأدركته المنية بسرخس .

                                                                                      قال أبو جعفر بن أبي علي الحافظ : ما رأيت في تلك الديار أحفظ منه ، لا بل في الدنيا كلها ، كان كتابا جوالا دار الدنيا لطلب الحديث ، لقيته بمكة ، ورأيت الشيوخ يثنون عليه ، ويحسنون القول فيه ، ثم لقيته بجرجان ، وصار من إخواننا .

                                                                                      وقال إسماعيل التيمي : هو خريج أبي مسعود البجلي ، سمعته يقول : دخل أبو إسماعيل دهستان ، فاشترى من أبي رأسا ودخل يأكله ، فبعثني أبي إليه ، فقال لي : تعرف شيئا ؟ قلت : لا ، فقال لأبي : سلمه إلي ، فسلمني إليه ، فحملني إلى نيسابور ، وأفادني ، وانتهى أمري إلى حيث انتهى .

                                                                                      قال ابن نقطة : سمعت غير واحد يقولون : إن أبا الفتيان سمع من ثلاثة آلاف وستمائة شيخ .

                                                                                      قال خزيمة بن علي المروزي : سقطت أصابع عمر الرواسي في الرحلة من البرد .

                                                                                      وقال الدقاق في رسالته : حدث عمر بطوس بصحيح مسلم من غير [ ص: 319 ] أصله ، وهذا أقبح شيء عند المحدثين .

                                                                                      قلت : قد توسعوا اليوم في هذا جدا ، وفي ذلك تفصيل .

                                                                                      قال : وحدثني أنه ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وأنه سمع من هبة الله بن عبد الوارث في سنة ( 456 ) .

                                                                                      قال ابن طاهر وغيره : الرواسي نسبة إلى بيع الرءوس .

                                                                                      وقال ابن ماكولا : كتب عني الرواسي ، وكتبت عنه ، ووجدته ذكيا .

                                                                                      قال السمعاني : سمعت أبا الفضل أحمد بن محمد السرخسي يقول : لما قدم عمر بن أبي الحسن علينا ، أملى ، فحضره عدة ، فقال : أنا أكتب أسماء الجماعة على الأصل ، وسألهم وأثبت ، ففي المجلس الثاني أخذ القلم ، وكتبهم كلهم على ظهر قلب ، وما سألهم ، فقيل : كانوا سبعين نفسا .

                                                                                      قال عبد الغافر بن إسماعيل : عمر الرواسي شيخ مشهور ، عارف بالطرق ، كتب الكثير ، وجمع الأبواب وصنف ، وكان سريع الكتابة ، وكان على سيرة السلف ، معيلا مقلا ، خرج من نيسابور إلى طوس ، فأنزله أبو حامد الغزالي عنده ، وأكرمه ، وقرأ عليه الصحيح ، ثم شرحه .

                                                                                      وعن أبي الفتيان الرواسي قال : أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على الطريق ، وقد قيل : إنها مقبرة العلماء ، فلا أدري كيف يكون حالي بها ; فمات بها في ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسمائة كما هو مؤرخ على لوح قبره ، رحمه الله تعالى ، عاش خمسا وسبعين سنة .

                                                                                      [ ص: 320 ] أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء ، أنبأنا محمد بن صاعد بن سعيد الطوسي ، أخبرنا أبي ، أخبرنا عمر بن أبي الحسن الحافظ ، أخبرنا أحمد بن عبد الرحيم النيسابوري ، أخبرنا أبو الحسين الخفاف ، أخبرنا أبو العباس السراج ، حدثنا قتيبة ، حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أخف الناس صلاة في تمام .

                                                                                      وأخبرناه عاليا محمد بن عبد السلام ، وأحمد بن هبة الله ، عن عبد المعز بن محمد ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محلم بن إسماعيل ، أخبرنا الخليل بن أحمد ، حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، فذكره .

                                                                                      هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن قتيبة بن سعيد ، وهو دال على استحباب تخفيف الصلاة ، مع إتمام فرائضها وسننها ، وقد حزروا أنه صلى الله عليه وسلم كان يمكث في السجود قدر عشر تسبيحات .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية