الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضجع

                                                          ضجع : أصل بناء الفعل من الاضطجاع ، ضجع يضجع ضجعا وضجوعا ، فهو ضاجع ، وقلما يستعمل ، والافتعال منه اضطجع يضطجع اضطجاعا ، فهو مضطجع ؛ قال ابن المظفر : كانت هذه الطاء تاء في الأصل ولكنه قبح عندهم أن يقولوا اضتجع فأبدلوا التاء طاء ، وله نظائر هي مذكورة في مواضعها . واضطجع : نام وقيل : استلقى ووضع جنبه بالأرض . وأضجعت فلانا إذا وضعت جنبه بالأرض ، وضجع وهو يضجع نفسه ; فأما قول الراجز :


                                                          لما رأى أن لا دعه ولا شبع مال إلى أرطاة حقف فالطجع

                                                          فإنه أراد فاضطجع فأبدل الضاد لاما ، وهو شاذ ، وقد روي : فاضطجع ، ويروى : فاطجع ، على إبدال الضاد طاء ثم إدغامها في الطاء ، ويروى أيضا : فاضجع ، بتشديد الضاد ، أدغم الضاد في التاء فجعلهما ضادا شديدة على لغة من قال مصبر في مصطبر ، وقيل : لا يقال اطجع لأنهم لا يدغمون الضاد في الطاء ، وقال المازني : إن بعض العرب يكره الجمع بين حرفين مطبقين فيقول الطجع ويبدل مكان الضاد أقرب الحروف إليها وهو اللام ، وهو نادر ؛ قال الأزهري : وربما أبدلوا اللام ضادا كما أبدلوا الضاد لاما ، قال بعضهم : الطراد واضطراد لطراد الخيل . وفي الحديث عن مجاهد أنه قال : إذا كان عند اضطراد الخيل وعند سل السيوف أجزأ الرجل أن تكون صلاته تكبيرا ; فسره ابن إسحاق الطراد ، بإظهار اللام ، وهو افتعال من طراد [ ص: 17 ] الخيل وهو عدوها وتتابعها ، فقلبت تاء الافتعال طاء ثم قلبت الطاء الأصلية ضادا ، وهذا الحرف ذكره ابن الأثير في حرف الضاد مع الطاء ، واعتذر عنه بأن موضعه حرف الطاء وإنما ذكره هنا لأجل لفظه . وإنه لحسن الضجعة مثل الجلسة والركبة . ورجل ضجعة مثال همزة : يكثر الاضطجاع كسلان . وقد أضجعه وضاجعه مضاجعة : اضطجع معه ، وخصص الأزهري هنا فقال : ضاجع الرجل جاريته إذا نام معها في شعار واحد ، وهو ضجيعها وهي ضجيعته . والضجيع : المضاجع ، والأنثى مضاجع وضجيعة ؛ قال قيس بن ذريح :


                                                          لعمري ، لمن أمسى وأنت ضجيعه     من الناس ، ما اختيرت عليه المضاجع

                                                          وأنشد ثعلب :


                                                          كل النساء على الفراش ضجيعة     فانظر لنفسك بالنهار ضجيعا

                                                          وضاجعه الهم على المثل : يعنون بذلك ملازمته إياه ; قال :


                                                          فلم أر مثل الهم ضاجعه الفتى     ولا كسواد الليل أخفق صاحبه

                                                          ويروى : مثل الفقر أي مثل هم الفقر .

                                                          والضجعة : هيئة الاضطجاع . والمضاجع : جمع المضجع ; قال الله عز وجل : تتجافى جنوبهم عن المضاجع ; أي تتجافى عن مضاجعها التي اضطجعت فيها . والاضطجاع في السجود : أن يتضام ويلصق صدره بالأرض ، وإذا قالوا صلى مضطجعا فمعناه أن يضطجع على شقه الأيمن مستقبلا للقبلة ؛ وقول الأعشى يخاطب ابنته :


                                                          فإن لجنب المرء مضطجعا

                                                          أي موضعا يضطجع عليه إذا قبر مضجعا على يمينه . وفي الحديث : كانت ضجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدما حشوها ليف الضجعة ، بالكسر : من الاضطجاع وهو النوم كالجلسة من الجلوس ، وبفتحها المرة الواحدة ، والمراد ما كان يضطجع عليه ، فيكون في الكلام مضاف محذوف تقديره : كانت ذات ضجعته أو ذات اضطجاعه فراش أدم حشوها ليف . وفي حديث عمر : جمع كومة من رمل وانضجع عليها ; هو مطاوع أضجعه فانضجع نحو أزعجته فانزعج وأطلقته فانطلق . والضجعة : الخفض والدعة; قال الأسدي :


                                                          وقارعت البعوث وقارعوني     ففاز بضجعة في الحي سهمي

                                                          وكل شيء تخفضه ، فقد أضجعته . والتضجيع في الأمر : التقصير فيه . وضجع في أمره واضجع وأضجع : وهن . والضجوع : الضعيف الرأي ورجل ضجعة وضاجع وضجعي وضجعي وقعدي وقعدي : عاجز مقيم ، وقيل : الضجعة والضجعي الذي يلزم البيت ولا يكاد يبرح منزله ولا ينهض لمكرمة . وسحابة ضجوع : بطيئة من كثرة مائها . وتضجع السحاب : أرب بالمكان . ومضاجع الغيث : مساقطه . ويقال : تضاجع فلان عن أمر كذا وكذا إذا تغافل عنه ، وتضجع في الأمر إذا تقعد ولم يقم به . والضاجع : الأحمق لعجزه ولزومه مكانه ، وهو من الدواب الذي لا خير فيه . وإبل ضاجعة وضواجع : لازمة للحمض مقيمة فيه ; قال :


                                                          ألاك قبائل كبنات نعش     ضواجع لا يغرن مع النجوم

                                                          قال ابن بري : ويقال لمن رضي بفقره وصار إلى بيته : الضاجع والضجعي ; لأن الضجعة خفض العيش ; وإلى هذا المعنى أشار القائل بقوله :


                                                          ألاك قبائل كبنات نعش     ضواجع لا يغرن مع النجوم

                                                          أي مقيمة ; لأن بنات نعش ثوابت فهن لا يزلن ولا ينتقلن . وضجعت الشمس وضجعت وخفقت وضرعت : مالت للمغيب ، وكذلك ضجع النجم فهو ضاجع ، ونجوم ضواجع ; قال :


                                                          على حين ضم الليل من كل جانب     جناحيه ، وانصب النجوم الضواجع

                                                          ويقال : أراك ضاجعا إلى فلان أي مائلا إليه . ويقال : ضجع فلان إلى فلان كقولك صغوه إليه . ورجل أضجع الثنايا : مائلها ، والجمع الضجع . والضجوع من الإبل : التي ترعى ناحية . والضجعاء والضاجعة : الغنم الكثيرة . وغنم ضاجعة : كثيرة . ودلو ضاجعة : ممتلئة ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          ضاجعة تعدل ميل الدف

                                                          وقيل : هي الملأى التي تميل في ارتفاعها من البئر لثقلها ; وأنشد لبعض الرجاز :


                                                          إن لم تجئ كالأجدل المسف     ضاجعة تعدل ميل الدف
                                                          إذا فلا آبت إلي كفي     أو يقطع العرق من الألف

                                                          الألف : عرق في العضد . وأضجع فلان جوالقه إذا كان ممتلئا ففرغه ; ومنه قول الراجز :


                                                          تعجل إضجاع الجشير القاعد

                                                          والجشير : الجوالق . والقاعد : الممتلئ . والضجع : صمغ نبت تغسل به الثياب . والضجع أيضا : مثل الضغابيس ، وهو في خلقة الهليون ، وهو مربع القضبان وفيه حموضة ومزازة ، يؤخذ فيشدخ ويعصر ماؤه في اللبن الذي قد راب فيطيب ويحدث فيه لذع اللسان قليلا ومرارة ، ويجعل ورقه في اللبن الحازر كما يفعل بورق الخردل وهو جيد ; كل ذلك عن أبي حنيفة ; وأنشد :


                                                          ولا تأكل الخرشان خود كريمة     ولا الضجع إلا من أضر به الهزل

                                                          والإضجاع في القوافي : الإقواء ; قال رؤبة يصف الشعر :


                                                          والأعوج الضاجع من إقوائها

                                                          ويروى : من إكفائها ، وخصص به الأزهري الإكفاء خاصة ولم يذكر الإقواء ، وقال : وهو أن يختلف إعراب القوافي ، يقال : أكفأ وأضجع [ ص: 18 ] بمعنى واحد . والإضجاع في باب الحركات : مثل الإمالة والخفض . وبنو ضجعان : قبيلة . والضواجع : موضع ، وفي التهذيب : الضواجع مصاب الأودية ، واحدتها ضاجعة كأن الضاجعة رحبة ثم تستقيم بعد فتصير واديا . والضجوع : رملة بعينها معروفة . والضجوع : موضع ; قال :


                                                          أمن آل ليلى بالضجوع وأهلنا     بنعف اللوى أو بالصفية ، عير

                                                          والمضاجع : اسم موضع ، وأما قول عامر بن الطفيل :


                                                          لا تسقني بيديك ، إن لم أغترف     نعم الضجوع بغارة أسراب

                                                          فهو اسم موضع أيضا ، وقال الأصمعي : هو رحبة لبني أبي بكر بن كلاب . والضواجع : الهضاب ; قال النابغة :


                                                          وعيد أبي قابوس في غير كنهه     أتاني ، ودوني راكس فالضواجع

                                                          يقال : لا واحد لها . والضجوع ، بضم الضاد : حي في بني عامر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية