الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في المرأة تستحاض ومن قال تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

                                                                      274 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل فيه حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب قالا حدثنا الليث عن نافع عن سليمان بن يسار أن رجلا أخبره عن أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدم فذكر معناه قال فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل بمعناه حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أنس يعني ابن عياض عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن رجل من الأنصار أن امرأة كانت تهراق الدماء فذكر معنى حديث الليث قال فإذا خلفتهن وحضرت الصلاة فلتغتسل وساق الحديث بمعناه حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا صخر بن جويرية عن نافع بإسناد الليث وبمعناه قال فلتترك الصلاة قدر ذلك ثم إذا حضرت الصلاة فلتغتسل ولتستثفر بثوب ثم تصلي حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة بهذه القصة قال فيه تدع الصلاة وتغتسل فيما سوى ذلك وتستثفر بثوب وتصلي قال أبو داود سمى المرأة التي كانت استحيضت حماد بن زيد عن أيوب في هذا الحديث قال فاطمة بنت أبي حبيش [ ص: 351 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 351 ] باب في المرأة تستحاض

                                                                      وقال الجوهري استحيضت المرأة استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة . ( ومن قال تدع ) أي تترك ( الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض ) في أيام الصحة قبل حدوث العلة .

                                                                      ( تهراق الدماء ) بالنصب على التميز ، وتهراق بصيغة المجهول ونائب فاعله ضمير فيه يرجع إلى المرأة أي تهراق هي الدماء ، ويجوز الرفع بتقدير تهراق دماؤها ، والبدل من الإضافة ، والهاء في هراق بدل من همزة أراق يقال أراق الماء يريقه وهراقه يهريقه بفتح الهاء هراقة قاله ابن الأثير الجزري ( فإذا خلفت ذلك ) من التخليف أي تركت أيام الحيض الذي كانت تعهده وراءها ( فلتغتسل ) أي غسل انقطاع الحيض ( ثم لتستثفر بثوب ) أي تشد فرجها بخرقة بعد أن تحتشي قطنا وتوثق طرفي الخرقة في شيء تشده على وسطها فيمنع ذلك سيل الدم مأخوذ من ثفر الدابة بفتح الفاء الذي يجعل تحت ذنبها ( ثم لتصلي ) هكذا في النسختين من المنذري . قال الحافظ ولي الدين العراقي : هو بإثبات الياء للإشباع كقوله تعالى إنه من يتقي ويصبر انتهى . قلت : وهكذا بإثبات الياء في نسخ الموطإ . وأما في نسخ السنن الموجودة عندي فبإسقاط الياء بلفظ ثم لتصل . واحتج بهذا الحديث من قال إن المستحاضة المعتادة ترد لعادتها ميزت أم لا وافق تميزها عادتها أو خالفها . قال الإمام الخطابي : هذا حكم المرأة يكون لها من الشهر أيام معلومة تحيضها في أيام الصحة قبل حدوث العلة ثم تستحاض فتهريق الدماء ويستمر بها السيلان أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدع الصلاة من الشهر قدر الأيام التي كانت تحيض قبل أن يصيبها ما أصابها فإذا استوفت عدد تلك الأيام اغتسلت مرة واحدة وحكمها حكم الطواهر في [ ص: 352 ] وجوب الصلاة والصوم عليها ، وجواز الطواف إذا حجت وغشيان الزوج إياها إلا أنها إذا أرادت أن تصلي توضأت لكل صلاة لأن طهارتها ضرورة فلا يجوز أن تصلي صلاتي فرض كالمتيمم انتهى كلامه . قال المنذري حسن .

                                                                      ( معناه ) أي معنى حديث مالك ( قال ) أي الليث في حديثه ( فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل بمعناه ) فيه دليل على أن الحائض ليس الغسل عليها واجبا على الفور بعد انقطاع الحيض حتى جاء وقت الصلاة .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه وفي إسناد هذه الرواية مجهول . ( فإذا خلفتهن ) أي تركت أيام الحيض وراءها . ( وتغتسل فيما سوى ذلك ) : أي فيما سوى أيام الحيض وهو بعد انقطاعه ( وتستذفر ) : بذال معجمة من الذفر أي لتستعمل طيبا تزيل به هذا الشيء الكريه عنها ، وإن روي بمهملة فالمعنى لتدفع عن نفسها الدفر أي الرائحة الكريهة كذا في التوسط شرح [ ص: 353 ] سنن أبي داود . وفي بعض النسخ تستثفر ( سمى المرأة ) : مفعول سمى ( حماد بن زيد ) : فاعل سمى ( قال ) : أي حماد ( فاطمة ) : فظهر أن المرأة المبهمة هي فاطمة .




                                                                      الخدمات العلمية