الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 193 ] كتاب الظهار قوله ( وهو أن يشبه امرأته ، أو عضوا منها ) ، الصحيح من المذهب : أن تشبيه عضو من امرأته كتشبيهها كلها ، وعليه الأصحاب ، وعنه : ليس بمظاهر حتى يشبه جملة امرأته . قوله ( بظهر من تحرم عليه على التأبيد ، أو بها ، أو بعضو منها ، فيقول : أنت علي كظهر أمي ، أو كيد أختي ، أو كوجه حماتي ، أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي ، أو كيد أختي ، أو خالتي ، من نسب ، أو رضاع ) الصحيح من المذهب : أن من تحرم عليه بسبب كالرضاع ونحوه : حكمها حكم من تحرم عليه بنسب ، وعليه الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، وعنه : لا يكون مظاهرا إذا أضافه إلى من تحرم عليه بسبب ، وقيل : إن كان السبب مجمعا عليه فهو مظاهر ، وإلا فلا . قوله ( وإن ) ( قال : أنت علي كأمي ) ، وكذا قوله ( أنت عندي أو مني ، أو معي كأمي ، أو مثل أمي : كان مظاهرا ) ، إن نوى به الظهار : كان ظهارا ، وإن أطلق ، فالصحيح من المذهب : أنه صريح في الظهار أيضا ، نص عليه ، واختاره أبو بكر .

قاله الشارح ، وجزم به في المحرر ، وقدمه في المستوعب ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، [ ص: 194 ] وعنه : ليس بظهار ، اختاره ابن أبي موسى في الإرشاد ، فقال : فيه روايتان ، أظهرهما : أنه ليس بظهار حتى ينويه ، واختاره المصنف ، فقال : والذي يصح عندي في قياس المذهب : إن وجدت نية أو قرينة تدل على الظهار : فهو ظهار ، وإلا فلا ، قوله ( وإن ) ( قال : أردت كأمي في الكرامة ، أو نحوه ) ( دين ) بلا نزاع ( وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين ) ، وأطلقهما في المستوعب ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وهما روايتان في المحرر ، والفروع ، ووجهان في المستوعب ، والرعاية . إحداهما : يقبل في الحكم ، وهو الصحيح من المذهب ، اختاره المصنف ، والشارح ، وصححه في التصحيح ، وقدمه ابن رزين في شرحه ، قال في الإرشاد ، أظهرهما : أنه ليس بظهار حتى ينويه . والرواية الثانية : لا يقبل . قوله ( وإن ) ( قال : أنت كأمي ، أو مثل أمي ) ( فذكر أبو الخطاب فيها روايتين ) ، يعني : يكون كقوله " أنت علي كأمي " هل هو صريح ، أو كناية ؟ قال المصنف هنا " والأولى : أن هذا ليس بظهار ، إلا أن ينويه ، أو يقترن به ما يدل على إرادته " وهو المذهب ، اختاره ابن أبي موسى .

قال في المحرر : ولو لم يقل " علي " لم يكن مظاهرا إلا بالنية ، وقال في الفروع : وإن قال " أنت أمي ، أو كأمي ، أو مثل أمي " وأطلق : فلا ظهار ، وقال في البلغة : أما الكناية : فنحو قوله " أمي ، أو كأمي ، أو مثل أمي " لم يكن مظاهرا إلا بالنية ، أو القرينة ، وجزم به في الرعاية الصغرى ، [ ص: 195 ] وعنه : أنه يكون ظهارا ، اختاره أبو بكر ، قال في الترغيب : وهو المنصوص ، قال في الهداية ، والمذهب ، والهادي ، والمستوعب : فهو صريح في الظهار ، نص عليه ، وقدمه في الخلاصة ، وقال في الرعاية الكبرى ، والحاوي الصغير : وإن قال " أنت كأمي ، أو مثلها فصريح ، نص عليه ، وقيل : ليس ظهارا بلا نية ، ولا قرينة ، وإن قال " نويت في الكرامة " دين ، وفي الحكم : على روايتين ، وقيل : هو كناية في الظهار ، وقيل : إن قال " أنت علي كأمي أو مثلها " ولم ينو الكرامة : فمظاهر ، وإن نواها دين ، وفي الحكم روايتان ، وإن أسقط " علي " فلغو ، إلا أن ينوي الظهار ، ومع ذكر " الظهر " لا يدين . انتهيا ، فذكر الطريقتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية