الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولسوف يعطيك ربك فترضى .

هو كذلك عطف على جملة القسم كلها وحرف الاستقبال لإفادة أن هذا العطاء الموعود به مستمر لا ينقطع كما تقدم في قوله تعالى : ( قال سوف أستغفر لكم ربي ) في سورة يوسف ، وقوله : ( ولسوف يرضى ) في سورة الليل .

وحذف المفعول الثاني لـ ( يعطيك ) ليعم كل ما يرجوه - صلى الله عليه وسلم - من خير لنفسه ولأمته ، فكان مفاد هذه الجملة تعميم العطاء كما أفادت الجملة قبلها تعميم الأزمنة .

وجيء بفاء التعقيب في ( فترضى ) لإفادة كون العطاء عاجل النفع بحيث يحصل به رضى المعطى عند العطاء فلا يترقب أن يحصل نفعه بعد تربص .

وتعريف ( ربك ) بالإضافة دون اسم الله العلم لما يؤذن به لفظ ( رب ) من الرأفة واللطف ، وللتوسل إلى إضافته إلى ضمير المخاطب ؛ لما في ذلك من الإشعار بعنايته برسوله وتشريفه بإضافة ( رب ) إلى ضميره .

وهو وعد واسع الشمول لما أعطيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - من النصر والظفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجا وما فتح على الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من أقطار الأرض شرقا وغربا .

واعلم أن اللام في ( وللآخرة خير ) وفي ( ولسوف يعطيك ) جزم صاحب الكشاف بأنه لام الابتداء وقدر مبتدأ محذوفا . والتقدير : ولأنت سوف يعطيك ربك . وقال : إن لام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التوكيد ، وحيث تعين أن اللام لام الابتداء ولام الابتداء لا تدخل إلا على جملة من مبتدأ وخبر تعين تقدير المبتدأ . واختار ابن الحاجب أن اللام في ( ولسوف يعطيك ربك ) لام التوكيد ( يعني : لام وجوب القسم ) . ووافقه ابن هشام في مغني اللبيب . وأشعر كلامه [ ص: 399 ] أن وجود حرف التنفيس مانع من لحاق نون التوكيد ولذلك تجب اللام في الجملة . وأقول : في كون وجود حرف التنفيس يوجب كون اللام لام جواب قسم محل نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية