الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ( 31 ) ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين ( 32 ) )

يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل هؤلاء النفر من الجن ( يا قومنا من الجن أجيبوا داعي الله ) قالوا : أجيبوا رسول الله محمدا إلى ما يدعوكم إليه من طاعة الله ( وآمنوا به ) يقول : وصدقوه فيما جاءكم به وقومه من أمر الله ونهيه ، وغير ذلك مما دعاكم إلى التصديق به ( يغفر لكم ) يقول : يتغمد لكم ربكم من ذنوبكم فيسترها لكم ولا يفضحكم بها في الآخرة بعقوبته إياكم عليها ( ويجركم من عذاب أليم ) يقول : وينقذكم من عذاب موجع إذا أنتم تبتم من ذنوبكم ، وأنبتم من كفركم إلى الإيمان بالله وبداعيه .

وقوله ( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ) يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل هؤلاء النفر لقومهم : ومن لا يجب أيها القوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمدا ، وداعيه إلى ما بعثه بالدعاء إليه من توحيده ، والعمل بطاعته ( فليس بمعجز في الأرض ) يقول : فليس بمعجز ربه بهربه إذا أراد عقوبته على تكذيبه داعيه ، وتركه تصديقه وإن ذهب في الأرض هاربا ؛ لأنه حيث كان فهو في سلطانه وقبضته ( وليس له من دونه أولياء ) يقول : وليس لمن لم يجب داعي الله من دون ربه نصراء ينصرونه من الله إذا عاقبه ربه على كفره به وتكذيبه داعيه . [ ص: 142 ]

وقوله ( أولئك في ضلال مبين ) يقول : هؤلاء الذين لم يجيبوا داعي الله فيصدقوا به ، وبما دعاهم إليه من توحيد الله ، والعمل بطاعته في جور عن قصد السبيل ، وأخذ على غير استقامة ، ( مبين ) : يقول : يبين لمن تأمله أنه ضلال ، وأخذ على غير قصد .

التالي السابق


الخدمات العلمية