الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا .

استئناف بياني ينبئ عن سؤال سائل يعجب من إعراضهم عن القرآن ، مع أنه قول فصل ، ويعجب من معاذيرهم الباطلة مثل قولهم : هو هزل أو هذيان أو سحر ، فبين للسامع أن عملهم ذلك كيد مقصود . فهم يتظاهرون بأنهم ما يصرفهم عن التصديق بالقرآن إلا ما تحققوه من عدم صدقه ، وهو إنما يصرفهم عن الإيمان به الحفاظ على سيادتهم فيضللون عامتهم بتلك التعللات الملفقة .

والتأكيد بـ إن لتحقيق هذا الخبر لغرابته ، وعليه فقوله : وأكيد كيدا تتميم وإدماج وإنذار لهم حين يسمعونه .

ويجوز أن يكون قوله : إنهم يكيدون كيدا موجها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تسلية له على أقوالهم في القرآن الراجعة إلى تكذيب من جاء بالقرآن . أي : إنما يدعون أنه هزل لقصد الكيد وليس لأنهم يحسبونك كاذبا على نحو قوله تعالى : فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون .

[ ص: 268 ] والضمير الواقع اسما لـ إن عائد إلى ما فهم من قوله تعالى : إنه لقول فصل وما هو بالهزل من الرد على الذين يزعمون القرآن بعكس ذلك ، أي أن المشركين المكذبين يكيدون .

وجملة وأكيد كيدا تثبيت للرسول صلى الله عليه وسلم ووعد بالنصر .

وكيدا في الموضعين مفعول مطلق مؤكد لعامله وقصد منه مع التوكيد تنوين تنكيره الدال على التعظيم .

والكيد : إخفاء قصد الضر وإظهار خلافه ، فكيدهم مستعمل في حقيقته . وأما الكيد المسند إلى ضمير الجلالة فهو مستعمل في الإمهال مع إرادة الانتقام عند وجود ما تقتضيه الحكمة من إنزاله بهم وهو استعارة تمثيلية ، شبهت هيئة إمهالهم وتركهم مع تقدير إنزال العقاب بهم بهيئة الكائد يخفي إنزال ضره ويظهر أنه لا يريده وحسنها محسن المشاكلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية