الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إنه هو يبدئ ويعيد

تصلح ; لأن تكون استئنافا ابتدائيا انتقل به من وعيدهم بعذاب الآخرة إلى توعدهم بعذاب في الدنيا يكون من بطش الله ، أردف به وعيد عذاب الآخرة ; لأنه أوقع في قلوب المشركين إذ هم يحسبون أنهم في أمن من العقاب إذ هم لا يصدقون بالبعث فحسبوا أنهم فازوا بطيب الحياة الدنيا .

والمعنى : أن الله يبطش بهم في البدء والعود ، أي : في الدنيا والآخرة .

وتصلح لأن تكون تعليلا لجملة إن بطش ربك لشديد ; لأن الذي يبدئ ويعيد قادر على إيقاع البطش الشديد في الدنيا وهو الإبداء ، وفي الآخرة إعادة البطش .

وتصلح لأن تكون إدماجا للاستدلال على إمكان البعث ، أي أن الله يبدئ الخلق ثم يعيده فيكون كقوله تعالى : وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه .

والبطش : الأخذ بعنف وشدة ويستعار للعقاب المؤلم الشديد كما هنا .

ويبدئ : مرادف يبدأ ، يقال : بدأ وأبدأ . فليست همزة أبدأ للتعدية .

وحذف مفعولا الفعلين لقصد عموم تعلق الفعلين بكل ما يقع ابتداء ، ويعاد بعد ذلك فشمل بدء الخلق وإعادته وهو البعث ، وشمل البطش الأول في الدنيا والبطش في الآخرة ، وشمل إيجاد الأجيال وإخلافها بعد هلاك أوائلها . وفي هذه الاعتبارات من التهديد للمشركين محامل كثيرة .

وضمير الفصل في قوله : وهو يبدئ للتقوي ، أي : لتحقيق الخبر ولا موقع للقصر هنا ، إذ ليس في المقام رد على من يدعي أن غير الله يبدئ ويعيد . وقد [ ص: 249 ] تقدم عند قوله تعالى : وأولئك هم المفلحون في سورة البقرة أن ضمير الفصل يليه الفعل المضارع على قول المازني ، وهو التحقيق . ودليله قوله : ومكر أولئك هو يبور وقد تقدم في سورة فاطر .

التالي السابق


الخدمات العلمية