الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5201 ) مسألة ; قال : وليس هذا لغير الأب . يعني ليس لغير الأب إجبار كبيرة ، ولا تزويج صغيرة ، جدا كان أو غيره . وبهذا قال مالك ، وأبو عبيد والثوري ، وابن أبي ليلى . وبه قال الشافعي إلا في الجد ، فإنه جعله كالأب ; لأن ولايته ولاية إيلاد ، فملك إجبارها كالأب . وقال الحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، وطاوس ، وقتادة ، وابن شبرمة ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة : لغير الأب تزويج الصغيرة ، ولها الخيار إذا بلغت . وقال هؤلاء غير أبي حنيفة : إذا زوج الصغيرين غير الأب ، فلهما الخيار إذا بلغا . قال أبو الخطاب : وقد نقل عبد الله ، عن أبيه ، كقول أبي حنيفة ; لأن الله تعالى قال : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء } .

                                                                                                                                            فمفهومه أنه إذا لم يخف ، فله تزويج اليتيمة ، واليتيم من لم يبلغ ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يتم بعد احتلام } . قال عروة : سألت عائشة عن قول الله تعالى : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } . فقالت : يا ابن أختي ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيشركها في مالها ، ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا فيهن ، ويبلغوا أعلى سنتهن في الصداق . متفق عليه . ولأنه ولي في النكاح ، فملك التزويج كالأب . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { تستأمر اليتيمة في نفسها ، فإن سكتت فهو إذنها ، وإن أبت ، فلا جواز عليها } . رواه أبو داود ، والنسائي .

                                                                                                                                            وروي ابن عمر ، { أن قدامة بن مظعون زوج ابن عمر ابنة أخيه عثمان ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنها يتيمة ، ولا تنكح إلا بإذنها } . واليتيمة : الصغيرة التي مات أبوها . ولأن غير الأب قاصر الشفقة ، فلا يلي نكاح الصغيرة ، كالأجنبي ، وغير الجد لا يلي مالها ، فلا يستبد بنكاحها ، كالأجنبي . ولأن الجد يدلي بولاية غيره ، فأشبه سائر العصبات ، وفارق الأب ، فإنه يدلي بغير واسطة ، ويسقط الإخوة والجد ، ويحجب الأم عن ثلث المال إلى ثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين . والآية محمولة على البالغة بدليل قول الله تعالى : { تؤتونهن ما كتب لهن } . وإنما يدفع إلى الكبيرة ، أو نحملها على بنت تسع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية