الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 233 ] بل الذين كفروا يكذبون

يجوز أنه إضراب انتقالي من التعجيب من عدم إيمانهم ، وإنكاره عليهم إلى الإخبار عنهم بأنهم مستمرون على الكفر والطعن في القرآن ، فالكلام ارتقاء في التعجيب والإنكار .

فالإخبار عنهم بأنهم يكذبون مستعمل في التعجيب والإنكار ، فلذلك عبر عنه بالفعل المضارع الذي يستروح منه استحضار الحالة مثل قوله : يجادلنا في قوم لوط .

ويجوز أن يكون بل إضرابا إبطاليا ، أي : لا يوجد ما لأجله لا يؤمنون ولا يصدقون بالقرآن ، بل الواقع بضد ذلك فإن بواعث الإيمان من الدلائل متوفرة ودواعي الاعتراف بصدق القرآن والخضوع لدعوته متظاهرة ولكنهم يكذبون ، أي : يستمرون على التكذيب عنادا وكبرياء ويومئ إلى ذلك قوله : والله أعلم بما يوعون .

وهذان المعنيان نظير الوجهين في قوله تعالى في سورة الانفطار بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين .

وفي اجتلاب الفعل المضارع دلالة على حدوث التكذيب منهم وتجدده ، أي : بل هم مستمرون على التكذيب عنادا وليس ذلك اعتقادا ، فكما نفي عنهم تجدد الإيمان وتجدد الخضوع عند قراءة القرآن أثبت لهم تجدد التكذيب .

وقوله : الذين كفروا إظهار في مقام الإضمار ; لأن مقتضى الظاهر أن يقال : بل هم يكذبون ، فعدل إلى الموصول والصلة لما تؤذن بها الصلة من ذمهم بالكفر للإيماء إلى علة الخبر ، أي أنهم استمروا على التكذيب لتأصل الكفر فيهم وكونهم ينعتون به .

التالي السابق


الخدمات العلمية