الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما هو بقول شيطان رجيم .

عطف على إنه لقول رسول كريم ، وهذا رجوع إلى ما أقسم عليه من أن القرآن قول رسول كريم ، بعد أن استطرد بينهما بتلك المستطردات الدالة على زيادة كمال هذا القول بقدسية مصدره ومكانة حامله عند الله وصدق متلقيه منه عن رؤيا محقة لا تخيل فيها ، فكان التخلص إلى العود لتنزيه القرآن بمناسبة ذكر الغيب في قوله تعالى : وما هو على الغيب بضنين .

فإن القرآن من أمر الغيب الذي أوحي به إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه كثير من الأخبار عن أمور الغيب الجنة والنار ونحو ذلك .

وقد علم أن الضمير عائد إلى القرآن ; لأنه أخبر عن الضمير بالقول الذي هو من جنس الكلام إذ قال : وما هو بقول شيطان رجيم فكان المخبر عنه من قبيل الأقوال لا محالة ، فلا يتوهم أن الضمير عائد إلى ما عاد إليه ضمير وما هو على الغيب بضنين .

[ ص: 164 ] وهذا إبطال لقول المشركين فيه : إنه كاهن ، فإنهم كانوا يزعمون أن الكهان تأتيهم الشياطين بأخبار الغيب ، قال تعالى : وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون وقال : وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون وقال : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم وهم كانوا يزعمون أن الكاهن كان يتلقى عن شيطانه ويسمون شيطانه رئيا .

وفي حديث فترة الوحي ونزول سورة والضحى : أن حمالة الحطب امرأة أبي لهب وهي أم جميل بنت حرب قالت للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أرى شيطانك قد قلاك .

ورجيم فعيل بمعنى مفعول ، أي : مرجوم . والمرجوم : المبعد الذي يتباعد الناس من شره فإذا أقبل عليهم رجموه فهو وصف كاشف للشيطان لأنه لا يكون إلا متبرأ منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية