الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4952 ) مسألة ; قال : ( وكذلك من أسلم على ميراث قبل أن يقسم ، قسم له ) اختلفت الرواية في من أسلم قبل قسم ميراث موروثه المسلم ; فنقل الأثرم ، ومحمد بن الحكم ، أنه يرث . وروي نحو هذا عن عمر ، وعثمان ، والحسن بن علي ، وابن مسعود . وبه قال جابر بن زيد ، والحسن ، ومكحول ، وقتادة ، وحميد ، وإياس بن معاوية ، وإسحاق ، فعلى هذا إن أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي . وبه قال الحسن . ونقل أبو طالب ، في من أسلم بعد الموت : لا يرث ، قد وجبت المواريث لأهلها . وهذا المشهور عن علي رضي الله عنه . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، وطاوس ، والزهري ، وسليمان بن يسار ، والنخعي ، والحكم ، وأبو الزناد ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي رضي الله عنهم . وعامة الفقهاء ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : لا يرث الكافر المسلم } . ولأن الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين ، فلم يشاركهم من أسلم ، كما لو اقتسموا ، ولأن المانع من الإرث متحقق حال وجود الموت ، فلم يرث ، كما لو كان رقيقا فأعتق ، أو كما لو بقي على كفره . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم { : من أسلم على شيء فهو له } . رواه سعيد من طريقين عن عروة ، وابن أبي مليكة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى أبو داود ، بإسناده : عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم ، وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام . } وروى ابن عبد البر ، بإسناده في " التمهيد " ، عن زيد بن قتادة العنبري ، أن إنسانا من أهله مات على غير دين الإسلام ، فورثته أختي دوني ، وكانت على دينه ، ثم إن جدي أسلم ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا ، فتوفي ، فلبثت ، سنة ، وكان ترك ميراثا ، ثم إن أختي أسلمت ، فخاصمتني في الميراث إلى عثمان رضي الله عنه فحدثه عبد الله بن أرقم ، أن عمر قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم ، فله نصيبه ، فقضى به عثمان ، فذهبت بذاك الأول ، وشاركتني في هذا . وهذه قضية انتشرت فلم تنكر فكانت إجماعا ، ولأنه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته ، لثبت له الملك فيه ، ولو وقع إنسان في بئر حفرها ، لتعلق ضمانه بتركته بعد موته ، فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته بتركته ، ترغيبا في الإسلام ، وحثا عليه ، فأما إذا قسمت التركة ، وتعين حق كل وارث ، ثم أسلم ، فلا شيء له ، وإن كان الوارث واحدا ، فإذا تصرف في التركة واحتازها ، كان بمنزلة قسمتها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية