الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4930 ) مسألة ; قال : ( وإذا مات ، وخلف ابنين ، فأقر أحدهما بأخ ، فله ثلث ما في يده ، وإن أقر بأخت ، فلها خمس ما في يده ) [ ص: 236 ] قد ذكرنا في باب الإقرار من يثبت النسب بقوله ، ومن لا يثبت ، ونذكر هاهنا ما يستحق المقر به من الميراث ، إذا لم يثبت نسبه ، فنقول ، إذا أقر بعض الورثة لمشارك في الميراث ، فلم يثبت نسبه ، لزم المقر أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه

                                                                                                                                            وهذا قول مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح ، وشريك ، ويحيى بن آدم ، ووكيع ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي ثور ، وأهل البصرة . وقال النخعي ، وحماد ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : يقاسمه ما في يده ; لأنه يقول : أنا وأنت سواء في ميراث أبينا ، وكأن ما أخذه المنكر تلف ، أو أخذته يد عادية ، فيستوي فيما بقي

                                                                                                                                            وقال الشافعي ، رضي الله عنه وداود : لا يلزمه في الظاهر دفع شيء إليه ، وهل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى ؟ على قولين : أصحهما لا يلزمه ; لأنه لا يرث من لا يثبت نسبه . وعلى قول الذي يلزمه دفع شيء إليه ، ففي قدره وجهان ، كالمذهبين المتقدمين . ولنا ، على الشافعي ، أنه أقر بحق لمدعيه ، يمكن صدقه فيه ، ويد المقر عليه ، وهو متمكن من دفعه إليه ، فيلزمه ذلك ، كما لو أقر بمعين ، ولأنه إذا علم أن هذا أخوه ، وله ثلث التركة .

                                                                                                                                            ويتعين استحقاقه لها ، وفي يده بعضه وصاحبه يطلبه ، لزمه دفعه إليه ، وحرم عليه منعه منه ، كما في سائر المواضع ، وعدم ثبوت نسبه في الظاهر ، لا يمنع وجوب دفعه إليه ، كما لو غصبه شيئا ، ولم تقم البينة بغصبه . ولنا على أبي حنيفة ، أنه أقر له بالفاضل عن ميراثه ، فلم يلزمه أكثر مما أقر به ، كما لو أقر له بشيء معين ، ولأنه حق يتعلق بمحل مشترك بإقرار أحد الشريكين ، فلم يلزمه أكثر من قسطه ، كما لو أقر أحد الشريكين على العبد بجناية ، فعلى هذا ، إذا خلف ابنين ، فأقر أحدهما بأخ ، فللمقر له ثلث ما في يد المقر ، وهو سدس المال .

                                                                                                                                            لأنه يقول : نحن ثلاثة ، لكل واحد منا الثلث ، وفي يدي النصف ، ففضل في يدي لك السدس ، فيدفعه إليه ، وهو ثلث ما في يده . وفي قول أبي حنيفة يدفع إليه نصف ما في يده ، وهو الربع ، وإن أقر بأخت دفع إليها خمس ما في يده ; لأنه يقول : نحن أخوان وأخت ، فلك الخمس من جميع المال ، وهو خمس ما في يدي ، وخمس ما في يد أخي . فيدفع إليها خمس ما في يده ، وفي قولهم يدفع إليها ثلث ما في يده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية