الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل في الأجداد والجدات الذين يرثون برحم

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " إذا ورث الجد مع الإخوة للأب والأم أو للأب قاسمهم ما كانت المقاسمة خيرا له من الثلث ، فإذا كان الثلث خيرا له منها أعطيه ، وهذا قول زيد ، وعنه قبلنا أكثر الفرائض ، وقد روي هذا القول عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود - رضي الله عنهم - أنهم قالوا فيه مثل قول زيد بن ثابت ، وهو قول الأكثر من فقهاء البلدان ، فإن قال قائل : فإنا نزعم أن الجد أب لخصال ، منها أن الله تبارك وتعالى قال : ملة أبيكم إبراهيم فأسمى الجد في النسب أبا ولم ينقصه المسلمون من السدس ، وهذا حكمهم للأب وحجبوا بالجد بني الأم ، وهكذا حكمهم في [ ص: 180 ] الأب ، فكيف جاز أن تفرقوا بين أحكامه وأحكام الأب فيما سواها ؟ قلنا إنهم لم يجمعوا بين أحكامهما فيها قياسا منهم للجد على الأب : لأنه لو كان إنما يرث باسم الأبوة لورث ودونه أب ، أو كان قاتلا أو مملوكا أو كافرا فالأبوة تلزمه وهو غير وارث ، وإنما ورثناه بالخبر في بعض المواضع دون بعض لا باسم الأبوة ونحن لا ننقص الجدة من السدس ، أفترى ذلك قياسا على الأب يحجبون بها الإخوة للأم ، وقد حجبتم الإخوة من الأم بابنة ابن متسفلة أفتحكمون لها بحكم الأب ؟ وهذا يبين أن الفرائض تجتمع في بعض الأمور دون بعض وقلنا ، أليس إنما يدلي الجد بقرابة أبي الميت بأن يقول الجد أنا أبو أبي الميت ، والأخ أنا ابن أبي الميت ، فكلاهما يدلي بقرابة أبي الميت ؟ قلنا أفرأيتم لو كان أبوه الميت في تلك الساعة أنهما كان أولى بميراثه ؟ قالوا يكون لأخيه خمسة أسداس ولجده سدس قلنا : فإذا كان الأخ أولى بكثرة الميراث ممن يدليان بقرابته ، فكيف جاز أن يحجب الذي هو أولى بالأب الذي يدليان بقرابته بالذي هو أبعد ؟ ولولا الخبر كان القياس أن يعطى الأخ خمسة أسهم والجد سهما كما ورثناهما حين مات ابن الجد وأبو الأخ " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أبو أبي أم ، وأبو أم أب ، المال لأبي أم الأب : لأنه يدلي بوارث ، وعلى قول أهل القرابة : لأبي أبي الأم الثلث ، ولأبي أم الأب الثلثان .

                                                                                                                                            أبو أم أم ، وأبو أم أب ، المال بينهما نصفين ، لأنهما بمنزلة أم أم وأم أب .

                                                                                                                                            جد أم أم ، وجد أم أب ، المال بين أبي أم أم الأم ، وأبي أم أم الأب نصفين .

                                                                                                                                            أبو أبي أم ، وأبو أم أب ، المال لأبي أم الأب .

                                                                                                                                            أبو أبي أم أم ، وأبو أبي أبي أم ، وأبو أبي أم أب ، نصف المال بين أبوي أبي أم الأم على ثلاثة ، والنصف بين أبوي أبي أم الأب على ثلاثة : لأنك إذا نزلت أبوي أبي أم الأم صار في أول درجته بمنزلة أبي أم أم هي بمنزلة أم أم وهي وارثة ، وإذا نزلت أبوي أبي أم الأب صار في أول درجته بمنزلة أبي أم أب ، ثم بمنزلة أم أب وهي وارثة ، فهاتان جدتان المال بينهما نصفان : نصف لأم الأم يرثه عنها أبوها ، ثم يرث عن ابنها أبواه ، وكذلك النصف الذي لأم الأب يرثه عنها أبوها ، ثم يرث في أبيها أبواه ، وأما أبو أبي أبي الأم فبعد درجتين يصير أبا أم ، وليس بوارث : فلذلك لم يرثها ، فهذا هو المشهور من قول المنزلين ، والصحيح من مذاهبهم .

                                                                                                                                            أم أبي أبي أم ، وأبو أم أبي أم ، وأبو أبي أم أب ، وأبو أبي أم ، النصف بين أبوي أبي أم الأم على ثلاثة ، والنصف بين أبوي أبي أبي أم الأب على ثلاثة : لأن أبوي أبي أم [ ص: 181 ] الأم في أول درجته بمنزلة أبي أم أم ، ثم بمنزلة أم أم وهي وارثة وأبو أبي أم الأب في أول درجة بمنزلة أم أب وهي وارثة ، فصار معك بعد درجتين جدتان : أم أم ، وأم أب . وأما أبو أبي أبي أم فبعد درجتين أبو أم ، وليس بوارث ، وأما أبو أم أبي أم فبعد درجتين أيضا أبو أم ، وليس بوارث ، فأما على قول من أمات السبب فجعل كل نصف على ستة السدس ، وما بقي على ما ذكرنا ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية