الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4888 ) مسألة ; قال : ويورث ذوو الأرحام فيجعل من لم يسم له فريضة على منزلة من سميت له ، ممن هو نحوه ، فيجعل الخال بمنزلة الأم ، والعمة بمنزلة الأب . وعن أبي عبد الله ، رحمه الله ، رواية أخرى ، أنه جعلها بمنزلة العم .

                                                                                                                                            وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكل ذي رحم لم يسم له فريضة فهو على هذا النحو مذهب أبي عبد الله في توريث ذوي الأرحام مذهب أهل التنزيل ، وهو أن ينزل كل واحد منهم منزلة من يمت به من الورثة ، فيجعل له نصيبه . فإن بعدوا نزلوا درجة درجة إلى أن يصلوا إلى من يمتون به ، فيأخذون ميراثه . فإن كان واحدا أخذ المال كله ، وإن كانوا جماعة قسمت المال بين من يمتون به ، فما حصل لكل وارث جعل لمن يمت به .

                                                                                                                                            فإن بقي من سهام المسألة شيء ، رد عليهم على قدر سهامهم . وهذا قول علقمة ، ومسروق ، والشعبي ، والنخعي ، وحماد ، ونعيم ، وشريك وابن أبي ليلى ، والثوري ، وسائر من ورثهم غير أهل القرابة . وقد روي عن علي ، وعبد الله رضي الله عنهما أنهما نزلا بنت البنت منزلة البنت ، وبنت الأخ منزلة الأخ ، وبنت الأخت منزلة الأخت ، والعمة منزلة الأب ، والخالة منزلة الأم . وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه في [ ص: 207 ] العمة والخالة .

                                                                                                                                            وعن علي أيضا ، أنه نزل العمة بمنزلة العم . وروي ذلك عن علقمة ، ومسروق . وهي الرواية الثانية عن أحمد . رضي الله عنه وعن الثوري ، وأبي عبيد ، أنهما نزلاها منزلة الجد مع ولد الإخوة والأخوات . ونزلها آخرون منزلة الجدة . وإنما صار هذا الخلاف في العمة ; لأنها أدلت بأربع جهات وارثات ; فالأب والعم أخواها ، والجد والجدة أبواها . ونزل قوم الخالة جدة ; لأن الجدة أمها . والصحيح من ذلك تنزيل العمة أبا ، والخالة أما ، لوجوه ثلاثة ; أحدها ، ما روى الزهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { العمة بمنزلة الأب ، إذا لم يكن بينهما أب ، والخالة بمنزلة الأم إذا لم يكن بينهما أم } . رواه الإمام أحمد .

                                                                                                                                            الثاني ، أنه قول عمر ، وعلي ، وعبد الله ، في الصحيح عنهم ، ولا مخالف لهم في الصحابة . الثالث ، أن الأب أقوى جهات العمة ، والأم أقوى جهات الخالة ، فتعين تنزيلهما بهما دون غيرهما ، كبنت الأخ ، وبنت العم ، فإنهما ينزلان منزلة أبويهما دون أخويهما . ولأنه إذا اجتمع لهما قرابات ، ولم يمكن توريثهما بجميعهما ، ورثتا بأقواهما ، كالمجوس عند من لم يورثهم بجميع قراباتهم ، وكالأخ من الأبوين ، فإنا نورثه بالتعصيب ، وهي جهة أبيه ، دون قرابة أمه .

                                                                                                                                            فأما أبو حنيفة وأصحابه ، فإنهم ورثوهم على ترتيب العصبات ، فجعلوا أولاهم من كان من ولد الميت وإن سفلوا ، ثم ولد أبويه أو أحدهما وإن سفلوا ، ثم ولد أبوي أبويه وإن سفلوا كذلك أبدا ، لا يرث بنو أب أعلى ، وهناك بنو أب أقرب منه ، وإن نزلت درجتهم . وعن أبي حنيفة ، أنه جعل أبا الأم وإن علا أولى من ولد البنات ، ويسمى مذهبهم مذهب أهل القرابة . ولنا ، أنهم فرع في الميراث على غيرهم ، فوجب إلحاقهم بمن هم فرع له ، وقد ثبت أن ولد الميت من الإناث لا يسقط ولد أبيه ، فأولى أن لا يسقطهم ولده .

                                                                                                                                            مسائل : من ذلك ; بنت بنت وبنت بنت ابن ، المال بينهما على أربعة . فإن كان معهما بنت أخ ، فالباقي لها ، وتصح من ستة . فإن كان معهما خالة ، فلبنت البنت النصف ، ولبنت بنت الابن السدس ، تكملة الثلثين ، وللخالة السدس ، والباقي لبنت الأخ . فإن كان مكان الخالة عمة ، حجبت بنت الأخ ، وأخذت الباقي ; لأن العمة كالأب ، فتسقط من هو بمنزلة الأخ ، ومن نزلها عما جعل الباقي لبنت الأخ ، وأسقط العمة ، ومن نزلها جدا قاسم بنت الأخ الثلث الباقي بينهما نصفين ، ومن نزلها جدة جعل لها السدس ، ولبنت الأخ الباقي .

                                                                                                                                            وفي قول أهل القرابة ، أنه لا ترث بنت الأخ مع بنت البنت ، ولا مع بنت بنت الابن شيئا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية