الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4871 ) مسألة قال : ( وإذا كان أخ لأب وأم ، وأخ لأب ، وجد ، قاسم الجد الأخ للأب والأم ، والأخ للأب ، على ثلاثة أسهم ، ثم رجع الأخ للأب والأم على ما في يد أخيه لأبيه ، فأخذه ) قد ذكرنا أن الجد يقاسم الإخوة كأخ ، ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث ، وأن ولد الأبوين يعادون الجد بولد الأب ، ثم يأخذون ما حصل لهم ، وأنه متى كان اثنان من الإخوة وجد ، استوى الثلث والمقاسمة .

                                                                                                                                            ففي هذه المسألة قد استوى الثلث والمقاسمة ، ولذلك اقتسما على ثلاثة ، لكل واحد سهم ، ثم أخذ الأخ للأبوين ما حصل لأخيه من أبيه . وإن شئت فرضت للجد الثلث ، والباقي لولد الأبوين . وإن زاد عدد الإخوة على اثنين أو من يعدلهما من الأخوات ، فافرض للجد الثلث ، والباقي لولد الأبوين . هذا مذهب زيد وأما علي وابن مسعود فإنهما يقاسمان به ولد الأبوين ، ويسقطان ولد الأب ، ولا يعتدان به ; لأنه محجوب بولد الأبوين .

                                                                                                                                            فلا يعتد به كولد الأم ، وقسما هذه المسألة بين الجد والأخ من الأبوين نصفين ، وأسقطا الأخ من الأب . ولنا ، أن الجد والد ، فإذا حجبه أخوان وارثان ، جاز أن يحجبه أخ وارث ، وأخ غير وارث ، كالأم ، ولأن ولد الأب يحجبونه إذا انفردوا ، فيحجبونه مع غيرهم ، كالأم ، ويفارق ولد الأم ; لأن الجد يحجبهم ، فلا ينبغي أن يحجبوه بخلاف ولد الأب ; فإن الجد لا يحجبهم ، فجاز أن يحجبوه إذا حجبهم غيره ، كما يحجبون الأم ، وإن كانوا محجوبين بالأب .

                                                                                                                                            وأما الأخ من الأبوين ، فهو أقوى تعصيبا من الأخ من الأب ، فلا يرث معه شيئا ، كما لو انفردا عن الجد ، فيأخذ ميراثه ، كما لو اجتمع ابن ، وابن ابن ، حجبه وأخذ ميراثه . فإن قيل : فالجد يحجب ولد الأم ، ولا يأخذ ميراثه ، والإخوة يحجبون الأم وإن لم يأخذوا ميراثها . قلنا : الجد وولد الأم يختلف سبب استحقاقهما للميراث ، وكذلك سائر من يحجب ولا يأخذ ميراث المحجوب ، وها هنا سبب استحقاق الإخوة [ ص: 199 ] للميراث الأخوة والعصوبة ، فأيهما قوي حجب الآخر ، وأخذ ميراثه .

                                                                                                                                            وقد مثلت هذه المسألة بمسألة في الوصايا ، وهي إذا أوصى لرجل بثلث ماله ، ولآخر بمائة ، ولثالث بتمام الثلث على المائة ، وكان ثلث المال مائتين ، فإن الموصى له بالمائة يزاحم صاحب الثلث بصاحب التمام ، فيقاسمه الثلث نصفين ، ثم يختص صاحب المائة بها ، ولا يحصل لصاحب التمام شيء . "

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية