الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فتول عنهم حتى حين ( 174 ) وأبصرهم فسوف يبصرون ( 175 ) أفبعذابنا يستعجلون ( 176 ) فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ( 177 ) )

يعني - تعالى ذكره - بقوله ( فتول عنهم حتى حين ) : فأعرض عنهم إلى حين .

واختلف أهل التأويل في هذا الحين ، فقال بعضهم : معناه إلى الموت .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فتول عنهم حتى حين ) : أي إلى الموت .

وقال آخرون : إلى يوم بدر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن [ ص: 132 ] السدي ، في قوله ( فتول عنهم حتى حين ) قال : حتى يوم بدر . وقال آخرون : معنى ذلك : إلى يوم القيامة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فتول عنهم حتى حين ) قال : يوم القيامة .

وهذا القول الذي قاله السدي ، أشبه بما دل عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن الله توعدهم بالعذاب الذي كانوا يستعجلونه ، فقال : ( أفبعذابنا يستعجلون ) ، وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليهم إلى مجيء حينه . فتأويل الكلام : فتول عنهم يا محمد إلى حين مجيء عذابنا ، ونزوله بهم .

وقوله ( وأبصرهم فسوف يبصرون ) : وأنظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأبصرهم فسوف يبصرون ) حين لا ينفعهم البصر .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وأبصرهم فسوف يبصرون ) يقول : أنظرهم فسوف يبصرون ما لهم بعد اليوم قال : يقول : يبصرون يوم القيامة ما ضيعوا من أمر الله ، وكفرهم بالله ورسوله وكتابه قال : فأبصرهم وأبصر - واحد .

وقوله ( أفبعذابنا يستعجلون ) يقول : فبنزول عذابنا بهم يستعجلونك يا محمد ، وذلك قولهم للنبي ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) .

وقوله ( فإذا نزل بساحتهم ) يقول : فإذا نزل بهؤلاء المشركين المستعجلين [ ص: 133 ] بعذاب الله - العذاب . العرب تقول : نزل بساحة فلان العذاب والعقوبة ، وذلك إذا نزل به ، والساحة : هي فناء دار الرجل ، ( فساء صباح المنذرين ) يقول : فبئس صباح القوم الذين أنذرهم رسولنا نزول ذلك العذاب بهم فلم يصدقوا به .

ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( فإذا نزل بساحتهم ) قال : بدارهم ، ( فساء صباح المنذرين ) قال : بئس ما يصبحون .

التالي السابق


الخدمات العلمية