الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار

                                                                                                                142 حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا أبو الأشهب عن الحسن قال عاد عبيد الله بن زياد معقل بن يسار المزني في مرضه الذي مات فيه قال معقل إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو علمت أن لي حياة ما حدثتك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة [ ص: 325 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 325 ] باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار

                                                                                                                فيه قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة )

                                                                                                                وفي الرواية الأخرى ( ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة ) .

                                                                                                                أما فقه الحديث فقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( حرم الله عليه الجنة ) فيه التأويلان المتقدمان في نظائره أحدهما أنه محمول على المستحل ، والثاني حرم عليه دخولها مع الفائزين السابقين ومعنى التحريم هنا المنع . قال القاضي عياض - رحمه الله - : معناه بين في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئا من أمرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم ، فإذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصح [ ص: 326 ] فيما قلده إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم ، وأخذهم به ، وإما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها لكل متصد لإدخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها أو إهمال حدودهم ، أو تضييع حقوقهم ، أو ترك حماية حوزتهم ، ومجاهدة عدوهم ، أو ترك سيرة العدل فيهم ، فقد غشهم قال القاضي : وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قول معقل - رضي الله عنه - لعبيد الله بن زياد : ( لو علمت أن لي حياة ما حدثتك ) وفي الرواية الأخرى ( لولا أني في الموت لم أحدثك ) فقال القاضي عياض - رحمه الله - : إنما فعل هذا لأنه علم قبل هذا أنه ممن لا ينفعه الوعظ كما ظهر منه مع غيره ثم خاف معقل من كتمان الحديث ورأى تبليغه أو فعله لأنه خافه لو ذكره في حياته لما يهيج عليه هذا الحديث ويثبته في قلوب الناس من سوء حاله . هذا كلام القاضي . والاحتمال الثاني هو الظاهر ، والأول ضعيف ; فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسقط باحتمال عدم قبوله . والله أعلم .

                                                                                                                وأما ألفاظ الباب ففيه شيبان عن أبي الأشهب عن الحسن عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - . وهذا الإسناد كله بصريون و ( فروخ ) غير مصروف لكونه عجميا تقدم مرات . و ( أبو الأشهب ) اسمه جعفر بن حيان بالمثناة العطاردي السعدي البصري .




                                                                                                                الخدمات العلمية