الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ( 15 ) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( 16 ) أوآباؤنا الأولون ( 17 ) قل نعم وأنتم داخرون ( 18 ) فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون ( 19 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وقال هؤلاء المشركون من قريش بالله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر مبين .

يقول : يبين لمن تأمله ورآه أنه سحر ( أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ) يقولون ، منكرين بعث [ ص: 25 ] الله إياهم بعد بلائهم : أئنا لمبعوثون أحياء من قبورنا بعد مماتنا ، ومصيرنا ترابا وعظاما ، قد ذهب عنها اللحوم

( أوآباؤنا الأولون ) الذين مضوا من قبلنا ، فبادوا وهلكوا .

يقول الله لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل لهؤلاء : نعم أنتم مبعوثون بعد مصيركم ترابا وعظاما أحياء كما كنتم قبل مماتكم ، وأنتم داخرون .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أوآباؤنا الأولون ) تكذيبا بالبعث ( قل نعم وأنتم داخرون )

وقوله ( وأنتم داخرون ) يقول - تعالى ذكره - : وأنتم صاغرون أشد الصغر ، من قولهم : صاغر داخر .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأنتم داخرون ) : أي صاغرون .

حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( وأنتم داخرون ) قال : صاغرون .

وقوله ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون ) يقول - تعالى ذكره - : فإنما هي صيحة واحدة ، وذلك هو النفخ في الصور ( فإذا هم ينظرون ) يقول : فإذا هم شاخصة أبصارهم ينظرون إلى ما كانوا يوعدونه من قيام الساعة ويعاينونه .

كما حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( زجرة واحدة ) قال : هي النفخة

التالي السابق


الخدمات العلمية