الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( 9 ) ) [ ص: 78 ]

يقول - تعالى ذكره - : أولم يسر هؤلاء المكذبون بالله ، الغافلون عن الآخرة من قريش في البلاد التي يسلكونها تجرا ، فينظروا إلى آثار الله فيمن كان قبلهم من الأمم المكذبة ، كيف كان عاقبة أمرها في تكذيبها رسلها ، فقد كانوا أشد منهم قوة ، ( وأثاروا الأرض ) : يقول : واستخرجوا الأرض ، وحرثوها وعمروها أكثر مما عمر هؤلاء ، فأهلكهم الله بكفرهم وتكذيبهم رسلهم ، فلم يقدروا على الامتناع ، مع شدة قواهم مما نزل بهم من عقاب الله ، ولا نفعتهم عمارتهم ما عمروا من الأرض ، إذ ( جاءتهم رسلهم بالبينات ) من الآيات ، فكذبوهم ، فأحل الله بهم بأسه ، ( فما كان الله ليظلمهم ) بعقابه إياهم على تكذيبهم رسله ، وجحودهم آياته ، ( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) بمعصيتهم ربهم .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( وأثاروا الأرض ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ) قال : ملكوا الأرض وعمروها .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وأثاروا الأرض ) قال : حرثوها .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أولم يسيروا في الأرض ) إلى قوله : ( وأثاروا الأرض وعمروها ) كقوله : ( وآثارا في الأرض ) ، وقوله : ( وعمروها ) أكثر مما عمر هؤلاء ( وجاءتهم رسلهم بالبينات ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية