الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فصل في شروط المرهون به ولزوم الرهن ( شرط المرهون به ) ليصح الرهن ( كونه دينا ) ولو زكاة تعلقت بالذمة ، ويحمل القول بالمنع على عدم تعلقها بها أو منفعة كالعمل في إجارة الذمة لإمكان استيفائه ببيع المرهون وتحصيله من ثمنه لا إجارة العين لتعذر استيفائه من غير المعين وإن بيع المرهون ، ولا بد من كونه أيضا معينا معلوما قدره وصفته ، فلو جهله أحدهما أو رهن بأحد [ ص: 249 ] الدينين لم يصح الرهن ، وقد يغني العلم عن التعيين لأن الإيهام ينافيه ، ولو ظن دينا فرهن أو أدى فبان خلافه لغا كل من الرهن والأداء ، أو ظن صحة شرط رهن فاسد فرهن وثم دين في نفس الأمر صح لوجود مقتضيه ، واستثنى ابن خيران مما مر ما لو ضمن من درهم إلى عشرة فإنه يجوز بخلاف الرهن به ، ونقله الزركشي عنه وأقره ، والأوجه الصحة في الرهن كالضمان ، إذ المؤثر هنا الجهل والإيهام وهما منتفيان ( ثابتا ) أي موجودا حالا ، ولا يغني عنه لفظ الدين إذ لا يلزم من التسمية الوجود وإلا لم يسم المعدوم معدوما ( لازما ) في نفس كثمن البيع بعد الخيار دون دين الكتابة ، فاللزوم ومقابله وصفان للدين في نفسه ، وإن لم يوجد فحينئذ لا تلازم بين الثبوت واللزوم سواء أوجد معه استقرار كدين إتلاف وقرض أم لا كثمن مبيع لم يقبض وأجره ما لم تستوف منفعته .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في شروط المرهون ( قوله : ولزوم الرهن ) أي وما يتبع ذلك كبراءة الغاصب بالإيداع عنده وبيان ما يحصل به الرجوع ( قوله : ليصح الرهن ) دفع به ما يقال الشروط إنما تكون للعقود أو العبادات والمرهون به ليس واحدا منهما ( قوله : كونه دينا ) أي في نفس الأمر مع ما يأتي من كونه معلوما لما يأتي من قوله وثم دين في نفس الأمر مع ما يأتي من كونه معلوما ( قوله : تعلقت بالذمة ) بأن تلف المال بعد التمكن من إخراج الزكاة ليكون دينا لتعلقها حينئذ بالذمة ثم إن انحصر المستحقون فواضح ، وإلا فهل المراد أنه يجوز الرهن من كل ثلاثة فأكثر من كل صنف ؟ فيه نظر أو من الإمام أو يمتنع هنا ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : والظاهر أنه يجوز الرهن من كل ثلاثة ومن الإمام أيضا ، لأن كلا من الصنفين إذا قبض برئ الدافع فكأن الحق انحصر فيهم ، لكن في حاشية شيخنا الزيادي أنه لا بد من حصر المستحق ليكون المرهون به معلوما دون ما إذا تعلقت بالعين وعلى هاتين الحالتين يحمل الكلامان المتناقضان ا هـ .

                                                                                                                            فأفهم قوله لا بد من حصر المستحق عدم الصحة في غير ذلك ( قوله : على عدم تعلقها بها ) أي بأن كان النصاب [ ص: 249 ] باقيا فإنها حينئذ تتعلق بعين المال تعلق شركة ( قوله : وقد يغني العلم إلخ ) أي بأن يقال يشترط كونه معلوما من غير زيادة ، أما مع قوله قدره وصفته فلا لجواز اتحاد الدينين قدرا وصفة فالرهن بأحدهما باطل مع العلم بقدره وصفته ( قوله : ينافيه ) أي العلم ( قوله : لغا ) لتبين عدم الدين في نفس الأمر ( قوله : أو ظن صحة شرط ) أي ففي العلم بفساد الشرط بالأولى وهذه المسألة بسطها في الروض انتهى سم على حج ( قوله : رهن فاسد ) قال في شرح الإرشاد : كما إذا اشترى أو اقترض شيئا من دائنه بشرط أن يرهنه بما في ذمته فإن البيع وإن فسد للشرط لكن الرهن صحيح لأنه صادف محلا ا هـ سم على حج ( قوله صح ) هذا يخالف ما قدمه في البيع بعد قول المصنف عن بيع وشرط من أنه إذا أتى بالعقد الثاني مع العلم بفساد الأول صح وإلا فلا ، وعبارة حج هنا كالشارح ، وثم بعد مثل ما تقدم عن الشارح ما نصه : وما وقع في الروضة وأصلها من صحة الرهن فيما لو رهن بدين قديم مع ظن صحة شرطه في بيع أو قرض لأن فساده ضعيف ، أو أن الرهن مستثنى لأنه مجرد توثق فلم يؤثر فيه ظن الصحة إذ لا جهالة تمنعه بخلاف ما هنا ا هـ .

                                                                                                                            فما ذكره الشارح هنا موافق للاحتمال الثاني في كلام حج ( قوله : لوجود مقتضيه ) أي الدين ( قوله : مما مر ) أي من كونه معينا معلوما ( قوله : فإنه يجوز ) أي ويكون ضامنا لتسعة ( قوله : بخلاف الرهن به ) أي بما ذكر من الرهن بدرهم إلى عشرة إلخ ( قوله : معدوما ) فيه نظر وفرق بين تسمية تدل على الوجود وتسمية لا تدل على الوجود بل على العدم ا هـ سم على حج ( قوله : لازما في نفسه ) أي من طرفي الدائن والمدين ( قوله : كدين إتلاف وقرض ) أي فإن كلا منهما لازم مستقر ، وقوله أم لا كثمن المبيع الذي لم يقبض بعد انقضاء الخيار ، وقد يكون الدين مستقرا غير لازم كنجوم الكتابة ، وقد لا يكون لازما ولا مستقرا كثمن المبيع زمن الخيار قبل القبض .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( فصل ) في شروط المرهون [ ص: 249 ] قوله : وقد يغني العلم إلخ ) أي : إذا حذف التقييد بالقدر والصفة دائما ( قوله : وثم دين في نفس الأمر ) صورته كما في شرح البهجة أن يكون له على غيره دين فيبيعه شيئا بشرط أن يرهن بدينه القديم أو به وبالجديد ، وحينئذ ففي قول الشارح أو ظن صحة شرط رهن فاسد مساهمة ، والعبارة الصحيحة أن يقال : أو ظن صحة شرط رهن في بيع فاسد ، ويجوز أن يكون قوله : فاسد وصفا لشرط . ( قوله : لو استثنى ابن خيران ) لا موقع للتعبير بالاستثناء هنا فإن ما ذكره في الرهن موافق لما مر لا مخالف له ، وأما الضمان فلم يتقدم له ذكر في كلامه . ( قوله : وهما منتفيان ) أي ; لأن هذه العبارة موضوعة شرعا لتسعة كما أفصح به الشهاب حج ( قوله : بعد الخيار ) وكذا في زمنه كما سيأتي




                                                                                                                            الخدمات العلمية