الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرط العاقد ) راهنا أو مرتهنا كونه مختارا و ( كونه مطلق التصرف ) كما في البيع ونحوه ، لكن الرهن نوع تبرع لأنه حبس مال بغير عوض ، فإن صدر من أهله في ماله فذاك ، وإلا فالشرط وقوعه على وجه المصلحة فيكون حينئذ مطلق التصرف في مال موليه وإن لم يكن من أهل التبرع ، ولهذا فرع عليه قوله ( فلا يرهن الولي ) بسائر أقسامه ( مال ) موليه كالسفيه و ( الصبي والمجنون ) لما فيه من حبسه من غير عوض إلا لضرورة كما لو اقترض لحاجة ممونه أو ضياعه مرتقبا غلتها أو حلول دين له أو نفاق متاعه الكاسد أو غبطة ظاهرة كأن يشتري ما يساوي مائتين بمائة نسيئة ويرهن به ما يساوي مائة له لأن المرهون إن سلم فظاهر وإلا كان في المبيع [ ص: 237 ] ما يجبره ، فلو امتنع البائع إلا برهن ما يزيد على المائة ترك الشراء ، إذ قد يتلف المرهون فلا يوجد جابر ولا يرهن في هذه الصورة إلا عند أمين يجوز إيداعه زمن أمن أو لا يمتد له خوف ( ولا يرتهن لهما ) أو للسفيه لأنه في حال الاختيار لا يبيع إلا بحال مقبوض ولا يقرض إلا القاضي كما مر ( إلا لضرورة ) كما لو أقرض ماله أو باعه مؤجلا للضرورة كنهب ( أو غبطة ظاهرة ) بأن يبيع ماله عقارا كان أو غيره مؤجلا بغبطة فيلزمه الارتهان بالثمن وارتهان الولي فيما ذكر جائز إن كان قاضيا وإلا فواجب ، وعلى الأول يحمل قول الشيخين في الحجر ويأخذ رهنا إن رآه ، وعلى الثاني يحمل قولهما هنا ويرتهن كذا قاله بعضهم والأوجه الوجوب مطلقا ، والتعبير بالجواز لا ينافي الوجوب ، وقولهما إن رآه : أي إن اقتضى نظره أصل الفعل لا إن رأى الأخذ فقط ويكون الرهن وافيا به ويشترط الإشهاد وكون الأجل قصيرا عرفا فإن فقد شرط من ذلك بطل البيع ، فإن خاف تلف المرهون فالأولى عدم الارتهان لاحتمال رفعه بعد تلفه إلى حاكم يرى سقوط الدين بتلف المرهون ، وعلم من جواز الرهن والارتهان للولي جواز معاملة الأب والجد لفرعهما بأنفسهما ويتوليا الطرفين ويمتنع على غيرهما ذلك ورهن المكاتب وارتهانه كالولي فيما ذكر على الأصح من تناقض فيه ، ومثله المأذون له إن أعطاه سيده مالا أو لم يعطه وصار في يده ربح ، [ ص: 238 ] قال الزركشي : وحيث منعنا المكاتب فيستثنى رهنه وارتهانه مع السيد وما لو رهن على ما يؤدي به النجم الأخير لإفضائه إلى العتق

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لكن الرهن ) استدراك على قوله كما في البيع ونحوه ( قوله : بسائر أقسامه ) أي أبا كان أو جدا أو وصيا أو حاكما ( قوله : أو نفاق ) بفتح النون ( قوله : ما يساوي مائتين بمائة ) .

                                                                                                                            [ ص: 237 ] أي حالة ع ، ويصور ذلك بأن يكون الزمن زمن نهب والولي له شوكة ( قوله : إلا برهن ما يزيد إلخ ) ظاهره ولو كانت الزيادة قدرا يتغابن به وهو بعيد جدا ( قوله : ولا يرهن في هذه الصورة ) انظر تقييده بهذه الصورة مع أن ما قبلها كذلك كما يصرح به كلام شرح الروض ، وعبارة العباب وشرحه : وإنما يرهن في جميع الصور المذكورة حيث جاز له الرهن عند من يجوز إيداعه ، ولعل النسخة التي كتب عليها هذه الصورة وإلا فعبارة الشارح كحج هذه الصور والمراد بها جميع ما تقدم فهي مساوية لشرح الروض ( قوله : وعلى الأول ) أي قوله جائز . والثاني قوله وإلا فواجب ( قوله : مطلقا ) أي قاضيا أو غيره ( قوله : لا ينافي الوجوب ) أي لأنه جواز بعد منع فيصدق به وأن المراد بالجائز ما ليس بحرام وهو صادق بالوجوب ( قوله ويشترط ) أي الولي ( قوله : فإن خاف تلف المرهون ) أي الذي يأخذه من المدين ( قوله : فالأولى عدم الارتهان ) أي فيبيع للضرورة أو الغبطة ولا يأخذ رهنا ، وليس المراد أنه يمتنع عليه البيع ، ولعله إنما كان أولى ولم يكن واجبا لأن الأصل عدم التلف مع وجود الغبطة في تحصيله أو الضرورة إليه ، هذا وقضية كونه أولى أنه كذلك وإن دعت الضرورة إلى الارتهان ولو قيل بوجوبه لم يبعد ( قوله : وصار في يده ربح ) أي وإلا فله البيع والشراء في الذمة حالا ومؤجلا والرهن والارتهان مطلقا ا هـ سم على حج ، وقوله والرهن انظر ما صورته مع أن الصورة أنه لم يعط مالا ولا ربح شيئا ، [ ص: 238 ] وقد يصور بأن يرهن شيئا في ذمته ويحصله بعد ذلك ( قوله : وحيث منعنا المكاتب ) أي بأن لم توجد الشروط المتقدمة ( قوله : وما لو رهن ) أي مع غير السيد .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فيكون حينئذ ) لعل المراد حين إذ وقع على وجه المصلحة ، وعبارة التحفة : ولكون الولي مطلق التصرف في مال موليه بشرط المصلحة وليس من أهل التبرع [ ص: 237 ] فيه كان المراد هنا بمطلقه كونه أهلا للتبرع فيه بدليل تفريعه عليه قوله : إلخ . ( قوله : لأنه في حال الاختيار ) وعدم الغبطة الظاهرة بقرينة ما يأتي قريبا وكان عليه أن يذكر هذا هنا . ( قوله : فيلزمه الارتهان ) لا يناسب قوله عقبه جائز إن كان قاضيا وإن كان الإطلاق هو الأصح كما يأتي ( قوله : والتعبير بالجواز ) لعل المراد تعبير من عبر به وإن لم يكن مذكورا هنا ، ولا يصح أن يكون المراد في قول البعض المذكور ; لأنه لا يتأتى مع نصه على التفصيل والتفرقة . ( قوله : فإن خاف تلف المرهون فالأولى عدم الارتهان ) ظاهره ولو في حال الغبطة عند عدم الضرورة فينتج أنه يصح أن يبيع للغبطة من غير رهن في الحالة المذكورة ولينظر مع الإطلاق وجوب الارتهان ، ولعل المراد أن الأولى عدم الارتهان بأن يترك البيع فليحرر . ( قوله : ويتوليا الطرفين ) منصوب بأن مضمرة ; لأنه معطوف على المصدر




                                                                                                                            الخدمات العلمية