الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ( فصل ) )

في ذكر الصحابة الكرام بطريق الإجمال ، وبيان مزاياهم على غيرهم ، والتعريف بما يجب لهم من المحبة ، والتبجيل والترضي ، والتفضيل على سائر [ ص: 377 ] الأمة ، وتقبيح من آذاهم وشناهم ، والكف عما جرى بينهم مما لعله لم يصح عنهم ، وما صح فله تأويلات سائغة ، وإذا كان لأحد منهم هنات تقع مكفرة مستهلكة في عظيم حسناتهم وجسيم مجاهداتهم ، ثم التابعين لهم بإحسان

ولهذا قال :

( ( وليس في الأمة كالصحابة في الفضل والمعروف والإصابة ) )



( ( وليس في الأمة ) ) المحمدية المفضلة على سائر الأمم بأفضلية نبيها - صلى الله عليه وسلم - ، وأفضلية ما جاء به الذكر الحكيم ، والدين القويم ، والصراط المستقيم ، فيكون الصحابة أفضل خلق الله تعالى بعد أنبياء الله تعالى ورسله ، ( ( كالصحابة ) ) الكرام الذين فازوا بصحبة خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ، وتقدم في صدر الكتاب تعريف الصحابة ، وطريق ثبوت الصحبة ، وبيان عدالة الصحابة ، وبيان عدتهم ودرجاتهم ، فمعتمد القول عند أئمة السنة أن الصحابة - رضوان الله عليهم - كلهم عدول بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق المعتبرين ، قال الله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قيل : اتفق المفسرون أن ذلك في الصحابة ، لكن الخلاف في التفاسير مشهور ، ورجح كثير عمومها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وكذلك قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) وهذا خطاب للموجودين حينئذ ، وقال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) الآيات ، فليس في سائر الأمة المحمدية مثل الصحابة الكرام ، ( ( في الفضل ) ) بشاهد ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : " لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " . وهذا وإن ورد على سبب ، وهو ما جرى بين عبد الرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد - رضي الله عنهما - ، فالعبرة بعموم اللفظ ، ولا ينافي ذلك كون الخطاب لأصحابه ، فإن المراد لا يسب غير أصحابي أصحابي ، ولا يسب بعضهم بعضا ، فالمراد النهي عن حصول السب لهم مطلقا ، وقوله : إن أحدكم بالخطاب يمكن حمله على أن المراد من جاء من غيرهم ينزل نفسه منزلتهم ، وقد يأتي الخطاب لقوم تعريضا بغيرهم كثيرا اعتمادا على القرائن وهذا الموضع منه ، والنصيف أحد اللغات الأربع [ ص: 378 ] في النصف ، فإنه يقال : نصف بكسر النون وفتحها وضمها ونصيف بفتح النون وزيادة الياء ، والمعنى لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك نفقة أصحابي في مد ولا نصف مد ، لأن إنفاقهم كان في نصرته - صلى الله عليه وسلم - وحمايته ، وذلك معدوم بعده ، فتضمن ذلك أفضليتهم على غيرهم مطلقا ، وأن فضيلة نفقتهم على نفقة غيرهم باعتبار ذواتهم . وفي الصحيحين وغيرهما عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم - قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة - ثم إن بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن - زاد في رواية - ، ويحلفون ولا يستحلفون " . ورواه أبو داود ولفظه : " خير أمتي الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم " والله أعلم . أذكر الثالث أم لا ، الحديث ، ورواه النسائي بنحوه ، ورواه الشيخان من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - ، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه وفيه : والله أعلم أذكر الثالث أم لا . وأخرجه مسلم أيضا من حديث عائشة - رضي الله عنها - .

وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يبلغ الحاضر الغائب الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ، ومن يأخذه الله فيوشك أن لا يفلته " . وأخرج الترمذي أيضا من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فقولوا : لعنة الله على شركم " . وأخرج مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت لعروة بن الزبير : يا ابن أختي أمروا أن يستغفروا لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم . وأخرج الترمذي من حديث بريدة - رضي الله عنه - قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من أحد من أصحابي يموت بأرض إلا بعث لهم نورا وقائدا يوم القيامة " . وذكر سعيد بن المسيب - رحمه الله تعالى - أن عمر بن [ ص: 379 ] الخطاب - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " سألت ربي عن اختلاف أصحابي من بعدي ، فأوحى إلي يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أقوى من بعض ، ولكل نور ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى " . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " . ذكره في جامع الأصول .

( ( و ) ) ليس في الأمة كالصحابة الكرام في ( ( المعروف ) ) وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله ، والتقرب إليه ، والإحسان إلى الناس ، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات ، وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه ، والمعروف النصفة ، وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس ، ضد المنكر في ذلك جميعه وفي حديث : " أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة " . أي من بذل معروفه للناس في الدنيا آتاه الله جزاء معروفه في الآخرة ، وقيل : أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود فيشفع فيهم شفعه الله في أهل التوحيد في الآخرة ، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في معنى ذلك قال : يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمعروفهم ، وتبقى حسناتهم جامة ، فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته ، فيغفر له ، ويدخل الجنة ، فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة . ولا يرتاب أحد من ذوي الألباب أن الصحابة الكرام هم الذين حازوا قصبات السبق ، واستولوا على معالي الأمور من الفضل والمعروف والصدق ، فالسعيد من اتبع صراطهم المستقيم ، واقتفى منهجهم القويم ، والتعيس من عدل عن طريقهم ، ولم يتحقق بتحقيقهم ، فأي خطة رشد لم يستولوا عليها ؟ وأي خصلة خير لم يسبقوا إليها ؟ تالله لقد وردوا ينبوع الحياة عذبا صافيا زلالا ، ووطدوا قواعد الدين والمعروف فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالا ، فتحوا القلوب بالقرآن والذكر والإيمان ، والقرى بالسيف والسنان وبذل النفوس النفيسة في مرضاة الرحيم الرحمن ، فلا معروف إلا ما عنهم عرف ، ولا برهان إلا ما بعلومهم كشف ، ولا سبيل نجاة إلا ما سلكوه ، ولا خير سعادة [ ص: 380 ] إلا ما حققوه وحكوه ، فرضوان الله تعالى عليهم ما تحلت المجالس بنشر ذكرهم ، وما تنمقت الطروس بعرف مدحهم وشكرهم .

( ( و ) ) ليس في الأمة أيضا كالصحابة - رضي الله عنهم - في ( ( الإصابة ) ) للحكم المشروع والهدي المتبوع ، فهم أحق الأمة بإصابة الحق والصواب ، وأجدر الخلق بموافقة السنة والكتاب ، ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوا آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم . فأحق الأمة بإصابة الصواب أبرها قلوبا ، وأعمقها علوما ، وأقومها هديا من غير شك ولا ارتياب .

وروى أبو داود الطيالسي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : إن الله نظر في قلوب العباد ، فنظر قلب محمد خير قلوب العباد ، فبعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فاختارهم لصحبة نبيه ، ونصرة دينه ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح .

فخير قلوب العباد أحق الخلق بإصابة الصواب ، فكل خير وإصابة وحكمة وعلم ومعارف ومكارم إنما عرفت لدينا ، ووصلت إلينا من الرعيل الأول ، والسرب الذي عليه المعول ، فهم الذين نقلوا العلوم والمعارف عن ينبوع الهدى ومنبع الاهتدا ، وفي حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة " . رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وقال الحافظ أبو نعيم : حديث جيد صحيح ، فدل الحديث على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة كاتباع سنته - صلى الله عليه وسلم - ، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور . وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوسا فقال : " إني [ ص: 381 ] لا أدري ما قدر بقائي فيكم ، فاقتدوا بالذين من بعدي ، - وأشار إلى أبي بكر وعمر - وتمسكوا بعهد عمار ، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه " . وفي رواية وتمسكوا بعهد ابن أم عبد ، واهتدوا بهدي عمار ، فنص - صلى الله عليه وسلم - في آخر عمره على من يقتدى به من بعده ، والخلفاء الراشدون الذين أمر بالاقتداء بهم هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - ، فإن في حديث سفينة - رضي الله عنه - : " الخلافة بعدي ثلاثين سنة ثم تكون ملكا " . وصححه الإمام أحمد وغيره وتقدم ، فكل ما اجتمع عليه الصحابة مما أجمعوا عليه ، أو جمعهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عليه فاجتمعوا فهو الحق لا شك فيه ، ولو خالف فيه من بعد ذلك من خالف ، ومن ثم نحتج بقول الصحابي حيث لا نص نبوي ، إن لم يخالف فيه مثله على معتمد المذهب ، وأخرج أبو يعلى الموصلي عن أنس - رضي الله عنه - : " مثل أصحابي مثل الملح في الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح " .

وعلى كل حال لا يرتاب ذوو الألباب من ذوي الأفاضل أن الصحابة الكرام حازوا قصبات السبق بصحبة خير الأنام ، واستولوا على الأمد ، فلا مطمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق ، ولكن المبرز من اتبع صراطهم المستقيم ، واقتفى منهاجهم القويم ، والمتخلف من عدل عن طريقتهم ذات اليمين وذات الشمال ، فذاك المنقطع التائه في بيداء المهالك والضلال . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل أصحابي كمثل الملح في الطعام " . يعني كما أن الملح صلاح الطعام فأصحابي صلاح الأنام ، قال في ( إعلام الموقعين ) : كما أن الملح به صلاح الطعام ، فالصواب به صلاح الأنام ، فلو أخطأ الصحابة فيما أفتوا به لاحتاج ذلك إلى ملح يصلحه ، فإذا أفتى من بعدهم بالحق كان قد أصلح خطأهم فكان ملحا لهم . انتهى . أي والحال أنهم هم الملح المصلح ، فكيف يكون غيرهم مصلحا لهم ؟ فهذا خلف . وروى الطبراني وأبو نعيم وغيرهما عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - أنه قال : يا معشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم ، فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا ، ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم بعيدا . قال في إعلام الموقعين : ومن المحال أن يكون الصواب في غير طريق من سبق إلى كل خير على الإطلاق . وقال [ ص: 282 ] فيه أيضا : من تأمل المسائل الفقهية ، والحوادث الفرعية ، وتدرب بمسالكها ، وتصرف في مداركها وسلك سبلها ذللا ، وارتوى من موردها عللا ونهلا ، علم قطعا أن كثيرا منها قد يشتبه فيها وجوه الرأي ، بحيث لا يوقف فيها بظاهر مراد ، أو قياس صحيح تنشرح له الصدور ، وينثلج له الفؤاد ، بل تتعارض فيها الظواهر والأقيسة على وجه يقف المجتهد في أكثر المواضع حتى لا يبقى للظن رجحان بين ، لا سيما إذا اختلف الفقهاء ، فإن عقولهم من أكمل العقول وأوفرها ، فإذا تلددوا وتوقفوا ، ولم يتقدموا ولم يتأخروا لم يكن ذلك وفي المسألة طريقة واضحة ، ولا حجة لائحة ، فإذا وجد فيها قولا لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين هم سادات الأمة ، وقدوة الأئمة ، وأعلم الناس بكتاب ربهم ، وسنة نبيهم ، وقد شاهدوا التنزيل ، وعرفوا التأويل ، ونسبة من بعدهم في العلم إليهم نسبتهم إليهم في الفضل والدين ، كان الظن والحالة هذه بأن الصواب في وجهتهم ، والحق في جانبهم من أقوى الظنون ، وهو أقوى من الظن المستفاد من كثير من الأقيسة ، هذا مما لا يمتري فيه عاقل منصف ، وكان الرأي الذي يوافق رأيهم هو الرأي السديد الذي لا رأي سواه ، وإذا كان المطلوب في الحادثة إنما هو ظن راجح ، ولو استند إلى استصحاب ، أو قياس علة ، أو دلالة ، أو شبه ، أو عموم ، أو خصوص ، أو محفوظ مطلق ، أو وارد على سبب ، فلا شك أن الظن الذي يحصل لنا بقول الصحابي الذي لم يخالف ، أرجح من كثير من الظنون المستندة إلى هذه الأمور أو أكثرها .

فظهر بهذا أن الصحابة - رضي الله عنهم - أولى الأمة بالإصابة فيما ثبت عنهم ، فإنهم - رضي الله عنهم - كانوا أبر قلوبا ، وأعمق علما ، وأقل تكلفا ، وأقرب إلى أن يوفقوا إلى الصواب من غيرهم ، لما خصهم الله به من توقد الأذهان ، وفصاحة اللسان ، وسعة العلم ، وسهولة الأخذ ، وحسن الإدراك وسرعته ، وقلة المعارض أو عدمه ، وحسن القصد ، وتقوى الرب ، فالعربية طريقتهم وسليقتهم ، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم ، ولا حاجة بهم إلى النظر في الإسناد ، وأحوال الرواة ، وعلل الحديث ، والجرح والتعديل ، ولا إلى النظر في قواعد الأصول ، وأوضاع الأصوليين ، فقد أغنوا عن ذلك كله ، فليس في حقهم إلا أمران : أحدهما قال الله تعالى كذا وقال [ ص: 383 ] رسوله كذا ، والثاني معناه كذا وكذا ، وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين ، وأحظى الأمة بهما ، فقواهم متوافرة مجتمعة عليهما ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية