الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 207 ] ذلك مثلهم في التوراة

الإشارة بذلك إلى المذكور من صفات الذين مع النبيء صلى الله عليه وسلم لأن السابق في الذكر بمنزلة الحاضر فيشار إليه بهذا الاعتبار فاسم الإشارة مبتدأ و مثلهم خبره .

والمثل يطلق على الحالة العجيبة ، ويطلق على النظير ، أي المشابه فإن كان هنا محمولا على الحالة العجيبة فالمعنى : أن الصفات المذكورة هي حالهم الموصوف في التوراة . وقوله : " في التوراة " متعلق بـ " مثلهم " أو حال منه . فيحتمل أن في التوراة وصف قوم سيأتون ووصفوا بهذه الصفات ، فبين الله بهذه الآية أن الذين مع النبيء صلى الله عليه وسلم هم المقصود بتلك الصفة العجيبة التي في التوراة ، أي أن التوراة قد جاءت فيها بشارة بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم ووصف أصحاب النبيء صلى الله عليه وسلم . والذي وقفنا عليه في التوراة مما يصلح لتطبيق هذه الآية هو البشارة الرمزية التي في الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية من قول موسى عليه السلام : ( جاء الرب من سينا وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران ، وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم فأحب الشعب جميع قديسيه وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك ) فإن جبل فاران هو حيال الحجاز .

وقوله : " فأحب الشعب جميع قديسيه " يشير إليه قوله رحماء بينهم ، وقد تقدم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ما ينطبق على هذا من سورة الفتح . وقوله : قديسيه يفيد معنى تراهم ركعا سجدا ومعنى سيماهم في وجوههم من أثر السجود . وقوله في التوراة : جالسون عند قدمك يفيد معنى قوله تعالى : يبتغون فضلا من الله ورضوانا .

ويكون قوله تعالى : " ذلك " إشارة إلى ما ذكر من الوصف .

التالي السابق


الخدمات العلمية