الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الوصال إلى السحر

                                                                                                                                                                                                        1866 حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثني ابن أبي حازم عن يزيد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين [ ص: 246 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 246 ] قوله : ( باب الوصال إلى السحر ) أي : جوازه ، وقد تقدم أنه قول أحمد وطائفة من أصحاب الحديث ، وتقدم توجيهه ، وأن من الشافعية من قال إنه ليس بوصال حقيقة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني ابن أبي حازم ) هو عبد العزيز ، وشيخه يزيد هو ابن عبد الله بن الهاد شيخ الليث في الباب الذي قبله في هذا الحديث بعينه ، وعبد الله بن خباب بمعجمة وموحدتين الأولى مثقلة مدني من موالي الأنصار لم أر له رواية إلا عن أبي سعيد الخدري ، وقد أخرج له المصنف سبعة أحاديث هذا ثانيها ، وتوقف الجوزقي في معرفة حاله ، ووثقه أبو حاتم الرازي وغيره ، وقد وافقه على رواية حديث الوصال عن أبي سعيد بشر بن حرب أخرجه عبد الرزاق من طريقه .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : وقع عند ابن خزيمة في حديث أبي صالح عن أبي هريرة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش عنه تقييد وصال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه إلى السحر ، ولفظه : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواصل إلى السحر ، ففعل بعض أصحابه ذلك فنهاه ، فقال يا رسول الله ، إنك تفعل ذلك " الحديث . وظاهره يعارض حديث أبي سعيد هذا ، فإن مقتضى حديث أبي صالح النهي عن الوصال إلى السحر ، وصريح حديث أبي سعيد الإذن بالوصال إلى السحر ، والمحفوظ في حديث أبي صالح إطلاق النهي عن الوصال بغير تقييد بالسحر ، ولذلك اتفق عليه جميع الرواة عن أبي هريرة ، فرواية عبيدة بن حميد هذه شاذة ، وقد خالفه أبو معاوية وهو أضبط أصحاب الأعمش فلم يذكر ذلك ، أخرجه أحمد وغيره عن أبي معاوية ، وتابعه عبد الله بن نمير عن الأعمش كما تقدم ، وعلى تقدير أن تكون رواية عبيدة بن حميد محفوظة فقد أشار ابن خزيمة إلى الجمع بينهما بأنه يحتمل أن يكون نهى - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال أولا مطلقا سواء جميع الليل أو بعضه ، وعلى هذا يحمل حديث أبي صالح ، ثم خص النهي بجميع الليل فأباح الوصال إلى السحر ، وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد ، أو يحمل النهي في حديث أبي صالح على كراهة التنزيه ، والنهي في حديث أبي سعيد على ما فوق السحر على كراهة التحريم . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية