الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان ما يعرف به أنه ذكر ، أو أنثى ، فإنما يعرف ذلك بالعلامة ، وعلامة الذكورة بعد البلوغ نبات اللحية ، وإمكان الوصول إلى النساء وعلامة الأنوثة في الكبر نهود ثديين كثديي المرأة ونزول اللبن في ثدييه والحيض والحبل ، وإمكان الوصول إليها من فرجها ; لأن كل واحد مما ذكرنا يختص بالذكورة والأنوثة فكانت علامة صالحة للفصل بين الذكر والأنثى .

                                                                                                                                وأما العلامة في حالة الصغر فالمبال ، لقوله عليه الصلاة والسلام { الخنثى من حيث يبول } ، فإن كان يبول من مبال الذكور فهو ذكر ، وإن كان يبول من مبال النساء فهو أنثى " وإن كان يبول منهما جميعا يحكم السبق ; لأن سبق البول من أحدهما يدل على أنه هو المخرج الأصلي وأن الخروج من الآخر بطريق الانحراف عنه .

                                                                                                                                وإن كان لا يسبق [ ص: 328 ] أحدهما الآخر فتوقف أبو حنيفة رضي الله عنه .

                                                                                                                                وقال : هو خنثى مشكل ، وهذا من كمال فقه أبي حنيفة رضي الله عنه ; لأن التوقف عند عدم الدليل واجب .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف ومحمد : تحكم الكثرة ; لأنها في الدلالة على المخرج الأصلي كالسبق فيجوز تحكيمه .

                                                                                                                                ووجه قول أبي حنيفة - عليه الرحمة - أن كثرة البول وقلته لسعة المحل وضيقه فلا يصلح للفصل بين الذكورة والأنوثة ، بخلاف السبق ، وحكي أنه لما بلغ أبا حنيفة قول أبي يوسف في تحكيم الكثرة لم يرض به ، وقال : هل رأيت حاكما يزن البول ، فإن استويا توقفا أيضا ، وقالا هو خنثى مشكل ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية