الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب تأخير السحور

                                                                                                                                                                                                        1820 حدثنا محمد بن عبيد الله حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب تعجيل السحور ) أي : الإسراع بالأكل إشارة إلى أن السحور كان يقع قرب طلوع الفجر . وروى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه : " كنا ننصرف - أي : من صلاة الليل - فنستعجل بالطعام مخافة الفجر " قال ابن بطال ولو ترجم له بباب تأخير السحور لكان حسنا ، وتعقبه مغلطاي بأنه وجد في نسخة أخرى من البخاري " باب تأخير السحور " ولم أر ذلك في شيء من نسخ البخاري التي وقعت لنا . وقال الزين بن المنير : التعجيل من الأمور النسبية ، فإن نسب إلى أول الوقت كان معناه التقديم وإن نسب إلى آخره كان معناه التأخير ، وإنما سماه البخاري تعجيلا إشارة منه إلى أن الصحابي كان يسابق بسحوره الفجر عند خوف طلوعه وخوف فوات الصلاة بمقدار ذهابه إلى المسجد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبيه أبي حازم ) أشار الإسماعيلي إلى أن عبد العزيز بن أبي حازم لم يسمعه من أبيه ، فأخرج من طريق مصعب الزبيري عن أبي حازم عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي حازم عن سهل ، ثم رواه من طريق أخرى عن عبد الله بن عامر عن أبي حازم . وعبد الله بن عامر هو الأسلمي فيه ضعف ، وأشار الإسماعيلي إلى تعليل الحديث بذلك . ومصعب بن عبد الله الزبيري لا يقاوم الحفاظ الذين رووه عن عبد العزيز عن أبيه بغير واسطة فزيادته شاذة ، ويحتمل أن يكون عبد العزيز سمع من عبد الله بن عامر فيه عن أبيه زيادة لم تكن فيما سمعه من أبيه فلذلك حدث به تارة عن أبيه بلا واسطة وتارة بالواسطة . وقد أخرجه البخاري في المواقيت من وجه آخر عن أبي حازم فبطل التعليل برواية عبد العزيز بن أبي حازم ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم تكون سرعتي ) في رواية سليمان بن بلال " ثم تكون سرعة بي " وسرعة - بالضم - على أن [ ص: 164 ] كان تامة ولفظ " بي " متعلق بسرعة أو ليست تامة و " بي " الخبر أو قوله : " أن أدرك " ، ويجوز النصب على أنها خبر كان ، والاسم ضمير يرجع إلى ما يدل عليه لفظ السرعة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن أدرك السحور ) كذا في رواية الكشميهني ، وللنسفي والجمهور : " أن أدرك السجود " وهو الصواب ، ويؤيده أن في الرواية المتقدمة في المواقيت : " أن أدرك صلاة الفجر " وفي رواية الإسماعيلي : " صلاة الصبح " وفي رواية أخرى " صلاة الغداة " . قال عياض : مراد سهل بن سعد أن غاية إسراعه أن سحوره لقربه من طلوع الفجر كان بحيث لا يكاد أن يدرك صلاة الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولشدة تغليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصبح . وقال ابن المنير في الحاشية : المراد أنهم كانوا يزاحمون بالسحور الفجر فيختصرون فيه ويستعجلون خوف الفوات .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : قال المزي : ذكر خلف أن البخاري أخرج هذا الحديث في الصوم عن محمد بن عبيد الله وقتيبة ، كلاهما عن عبد العزيز ، قال ولم نجده في الصحيح ولا ذكره أبو مسعود . قلت : ورأيت هنا بخط القطب ومغلطاي " محمد بن عبيد " بغير إضافة ، وهو غلط والصواب " محمد بن عبيد الله " وهو أبو ثابت المدني مشهور من كبار شيوخ البخاري .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية