الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب هل يقول إني صائم إذا شتم

                                                                                                                                                                                                        1805 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف عن ابن جريج قال أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب : هل يقول إني صائم إذا شتم ) أورد فيه حديث أبي هريرة ، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى قبل ستة أبواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله فيه : ( ولا يصخب ) كذا للأكثر بالمهملة الساكنة بعدها خاء معجمة ، ولبعضهم بالسين بدل [ ص: 142 ] الصاد وهو بمعناه ، والصخب الخصام والصياح ، وقد تقدم أن المراد من النهي عن ذلك تأكيده حالة الصوم ، وإلا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لخلوف ) كذا للأكثر ، وللكشميهني : " لخلف " بحذف الواو كأنها صيغة جمع ، ويروى في غير البخاري بلفظ : " لخلفة " على الوحدة كتمر وتمرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ) زاد مسلم : " بفطره " ، وقوله : " يفرحهما " أصله : " يفرح بهما " فحذف الجار ووصل الضمير كقوله : " صام رمضان " أي : فيه . قالالقرطبي : معناه : فرح بزوال جوعه وعطشه ، حيث أبيح له الفطر وهذا الفرح طبيعي ، وهو السابق للفهم ، وقيل : إن فرحه بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه . قلت : ولا مانع من الحمل على ما هو أعم مما ذكر ، ففرح كل أحد بحسبه ؛ لاختلاف مقامات الناس في ذلك ، فمنهم من يكون فرحه مباحا وهو الطبيعي ، ومنهم من يكون مستحبا ، وهو من يكون سببه شيء مما ذكره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وإذا لقي ربه فرح بصومه ) أي : بجزائه وثوابه . وقيل : الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه ، أو بثواب ربه على الاحتمالين . قلت : والثاني أظهر ؛ إذ لا ينحصر الأول في الصوم ، بل يفرح حينئذ بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية