الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الريان للصائمين

                                                                                                                                                                                                        1797 حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني أبو حازم عن سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد [ ص: 134 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 134 ] قوله : ( باب ) بالتنوين ( الريان ) بفتح الراء وتشديد التحتانية وزن " فعلان " من الري : اسم علم على باب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه ، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه ؛ لأنه مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائمين ، وسيأتي أن من دخله لم يظمأ . قال القرطبي : اكتفي بذكر الري عن الشبع ؛ لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه ، قلت : أو لكونه أشق على الصائم من الجوع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني أبو حازم ) هو ابن دينار ، وسهل هو ابن سعد الساعدي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إن في الجنة بابا ) قال الزين بن المنير : إنما قال : " في الجنة " ، ولم يقل : " للجنة " ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة في الجنة ، فيكون أبلغ في التشوق إليه . قلت : وقد جاء الحديث من وجه آخر بلفظ : إن للجنة ثمانية أبواب ، منها باب يسمى " الريان " لا يدخله إلا الصائمون . أخرجه هكذا الجوزقي من طريق أبي غسان عن أبي حازم ، وهو للبخاري من هذا الوجه في بدء الخلق ، لكن قال : في الجنة ثمانية أبواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ) كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيدا ، وأما قوله : " فلم يدخل " فهو معطوف على " أغلق " أي : لم يدخل منه غير من دخل . ووقع عند مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن خالد بن مخلد شيخ البخاري فيه : " فإذا دخل آخرهم أغلق " هكذا في بعض النسخ من مسلم ، وفي الكثير منها : " فإذا دخل أولهم أغلق قال عياض وغيره : هو وهم . والصواب " آخرهم " . قلت : وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في " مسنده " وأبو نعيم في " مستخرجيه " معا من طريقه ، وكذا أخرجه الإسماعيلي والجوزقي من طرق عن خالد بن مخلد ، وكذا أخرجه النسائي ، وابن خزيمة من طريق سعيد بن عبد الرحمن وغيره ، وزاد فيه : من دخل شرب ، ومن شرب لا يظمأ أبدا وللترمذي من طريق هشام بن سعد ، عن أبي حازم نحوه ، وزاد : ومن دخله لم يظمأ أبدا ونحوه للنسائي والإسماعيلي من طريق عبد العزيز بن حازم عن أبيه ، لكنه وقفه ، وهو مرفوع قطعا ؛ لأن مثله لا مجال للرأي فيه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية