الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ( 87 ) )

يقول تعالى ذكره : واذكر يا محمد ذا النون ، يعني صاحب النون ، والنون : الحوت ، وإنما عنى بذي النون يونس بن متى ، وقد ذكرنا قصته في سورة يونس بما أغنى عن ذكره في هذا الموضع ، وقوله ( إذ ذهب مغاضبا ) يقول : حين ذهب مغاضبا .

واختلف أهل التأويل في معنى ذهابه مغاضبا ، وعمن كان ذهابه ، وعلى من كان غضبه ، فقال بعضهم : كان ذهابه عن قومه وإياهم غاضب .

ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا ) يقول : غضب على قومه .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( إذ ذهب مغاضبا ) أما غضبه فكان على قومه .

وقال آخرون : ذهب عن قومه مغاضبا لربه ، إذ كشف عنهم العذاب بعدما وعدهموه .

ذكر من قال ذلك : وذكر سبب مغاضبته ربه في قولهم :

حدثنا ابن [ ص: 512 ] حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : بعثه الله ، يعني يونس إلى أهل قريته ، فردوا عليه ما جاءهم به وامتنعوا منه ، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه : إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا ، فاخرج من بين أظهرهم ، فأعلم قومه الذي وعده الله من عذابه إياهم ، فقالوا : ارمقوه ، فإن خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم ، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبحها أدلج ورآه القوم ، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم ، وفرقوا بين كل دابة وولدها ، ثم عجوا إلى الله ، فاستقالوه ، فأقالهم ، وتنظر يونس الخبر عن القرية وأهلها ، حتى مر به مار ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ فقال : فعلوا أن نبيهم خرج من بين أظهرهم ، عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم من العذاب ، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض ، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ، وعجوا إلى الله وتابوا إليه ، فقبل منهم ، وأخر عنهم العذاب ، قال : فقال يونس عند ذلك وغضب : والله لا أرجع إليهم كذابا أبدا ، وعدتهم العذاب في يوم ثم رد عنهم ، ومضى على وجهه مغاضبا .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا عوف ، عن سعيد بن أبي الحسن ، قال : بلغني أن يونس لما أصاب الذنب ، انطلق مغاضبا لربه ، واستزله الشيطان .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، في قوله ( إذ ذهب مغاضبا ) قال : مغاضبا لربه .

حدثنا الحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفيان ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن سعيد بن جبير فذكر نحو حديث ابن حميد ، عن سلمة ، وزاد فيه : قال : فخرج يونس ينظر العذاب ، فلم ير شيئا ، قال : جربوا علي كذبا ، فذهب مغاضبا لربه حتى أتى البحر .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن وهب بن منبه اليماني ، قال : سمعته يقول : إن يونس بن [ ص: 513 ] متى كان عبدا صالحا ، وكان في خلقه ضيق ، فلما حملت عليه أثقال النبوة ، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل ، تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل ، فقذفها بين يديه ، وخرج هاربا منها ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ) : أي لا تلق أمري كما ألقاه ، وهذا القول ، أعني قول من قال : ذهب عن قومه مغاضبا لربه ، أشبه بتأويل الآية ، وذلك لدلالة قوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) على ذلك ، على أن الذين وجهوا تأويل ذلك إلى أنه ذهب مغاضبا لقومه ، إنما زعموا أنهم فعلوا ذلك استنكارا منهم أن يغاضب نبي من الأنبياء ربه ، واستعظاما له ، وهم بقيلهم أنه ذهب مغاضبا لقومه قد دخلوا في أمر أعظم مما أنكروا ، وذلك أن الذين قالوا : ذهب مغاضبا لربه اختلفوا في سبب ذهابه كذلك ، فقال بعضهم : إنما فعل ما فعل من ذلك كراهة أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما وعدهم ، واستحيا منهم ، ولم يعلم السبب الذي دفع به عنهم البلاء ، وقال بعض من قال هذا القول : كان من أخلاق قومه الذين فارقهم قتل من جربوا عليه الكذب ، عسى أن يقتلوه من أجل أنه وعدهم العذاب ، فلم ينزل بهم ما وعدهم من ذلك ، وقد ذكرنا الرواية بذلك في سورة يونس ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع .

وقال آخرون : بل إنما غاضب ربه من أجل أنه أمر بالمصير إلى قوم لينذرهم بأسه ويدعوهم إليه ، فسأل ربه أن ينظره ، ليتأهب للشخوص إليهم ، فقيل له : الأمر أسرع من ذلك ، ولم ينظر حتى شاء أن ينظر إلى أن يأخذ نعلا ليلبسها ، فقيل له نحو القول الأول ، وكان رجلا في خلقه ضيق ، فقال : أعجلني ربي أن آخذ نعلا فذهب مغاضبا .

وممن ذكر هذا القول عنه : الحسن البصري حدثني بذلك الحارث ، قال : ثنا الحسن بن موسى ، عن أبي هلال ، عن شهر بن حوشب ، عنه .

قال أبو جعفر : وليس في واحد من هذين القولين من وصف نبي الله يونس صلوات الله عليه شيء إلا وهو دون ما وصفه بما وصفه الذين قالوا : ذهب [ ص: 514 ] مغاضبا لقومه ، لأن ذهابه عن قومه مغاضبا لهم وقد أمره الله تعالى بالمقام بين أظهرهم ليبلغهم رسالته ، ويحذرهم بأسه ، وعقوبته على تركهم الإيمان به ، والعمل بطاعته لا شك أن فيه ما فيه ، ولولا أنه قد كان صلى الله عليه وسلم أتى ما قاله الذين وصفوه بإتيان الخطيئة ، لم يكن الله تعالى ذكره ليعاقبه العقوبة التي ذكرها في كتابه ، ويصفه بالصفة التي وصفه بها ، فيقول لنبيه صلى الله عليه وسلم ( ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم ) ويقول ( فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) .

وقوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : فظن أن لن نعاقبه بالتضييق عليه من قولهم قدرت على فلان : إذا ضيقت عليه ، كما قال الله جل ثناؤه ( ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) .

ذكر من قال ذلك : حدثني علي قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) يقول : ظن أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( فظن أن لن نقدر عليه ) يقول : ظن أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه إذ غضب عليهم ، وفراره وعقوبته أخذ النون إياه .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، أنه قال في هذه الآية ( فظن أن لن نقدر عليه ) قال : فظن أن لن نعاقبه بذنبه .

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا زيد بن حباب ، قال : ثني شعبة ، عن مجاهد ، ولم يذكر فيه الحكم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) قال : يقول : ظن أن لن نعاقبه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن [ ص: 515 ] قتادة والكلبي ( فظن أن لن نقدر عليه ) قالا ظن أن لن نقضي عليه العقوبة .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( فظن أن لن نقدر ) يقول : ظن أن الله لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء في غضبه الذي غضب على قومه ، وفراقه إياهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن ابن عباس ، في قوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) قال : البلاء الذي أصابه .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : فظن أنه يعجز ربه فلا يقدر عليه .

ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا عوف ، عن سعيد بن أبي الحسن ، قال : بلغني أن يونس لما أصاب الذنب ، انطلق مغاضبا لربه ، واستزله الشيطان ، حتى ظن أن لن نقدر عليه ، قال : وكان له سلف وعبادة وتسبيح ، فأبى الله أن يدعه للشيطان ، فأخذه فقذفه في بطن الحوت ، فمكث في بطن الحوت أربعين من بين ليلة ويوم ، فأمسك الله نفسه فلم يقتله هناك ، فتاب إلى ربه في بطن الحوت ، وراجع نفسه ، قال : فقال ( سبحانك إني كنت من الظالمين ) قال : فاستخرجه الله من بطن الحوت برحمته ، بما كان سلف من العبادة والتسبيح ، فجعله من الصالحين ، قال عوف : وبلغني أنه قال في دعائه : وبنيت لك مسجدا في مكان لم يبنه أحد قبلي .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ( فظن أن لن نقدر عليه ) وكان له سلف من عبادة وتسبيح ، فتداركه الله بها فلم يدعه للشيطان .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن إياس بن معاوية المدني ، أنه كان إذا ذكر عنده يونس ، وقوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) يقول إياس : فلم فر ؟

وقال آخرون : بل ذلك بمعنى الاستفهام ، وإنما تأويله : أفظن أن لن نقدر عليه ؟

ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) قال : هذا استفهام ، وفي قوله [ ص: 516 ] ( فما تغن النذر ) قال : استفهام أيضا .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب قول من قال : عنى به : فظن يونس أن لن نحبسه ونضيق عليه ، عقوبة له على مغاضبته ربه .

وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الكلمة ، لأنه لا يجوز أن ينسب إلى الكفر وقد اختاره لنبوته ، ووصفه بأن ظن أن ربه يعجز عما أراد به ولا يقدر عليه ، ووصف له بأنه جهل قدرة الله ، وذلك وصف له بالكفر ، وغير جائز لأحد وصفه بذلك ، وأما ما قاله ابن زيد ، فإنه قول لو كان في الكلام دليل على أنه استفهام حسن ، ولكنه لا دلالة فيه على أن ذلك كذلك ، والعرب لا تحذف من الكلام شيئا لهم إليه حاجة إلا وقد أبقت دليلا على أنه مراد في الكلام ، فإذا لم يكن في قوله ( فظن أن لن نقدر عليه ) دلالة على أن المراد به الاستفهام كما قال ابن زيد ، كان معلوما أنه ليس به وإذا فسد هذان الوجهان ، صح الثالث وهو ما قلنا .

وقوله ( فنادى في الظلمات ) اختلف أهل التأويل في المعني بهذه الظلمات ، فقال بعضهم : عنى بها ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت .

ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل ، وكذلك قال أيضا ابن جريج .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : نادى في الظلمات : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .

حدثني محمد بن إبراهيم السلمي ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا محمد بن رفاعة ، قال : سمعت محمد بن كعب يقول في هذه الآية ( فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت . [ ص: 517 ] حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل .

وقال آخرون : إنما عنى بذلك أنه نادى في ظلمة جوف حوت في جوف حوت آخر في البحر ، قالوا : فذلك هو الظلمات .

ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ( فنادى في الظلمات ) قال : أوحى الله إلى الحوت أن لا تضر له لحما ولا عظما ، ثم ابتلع الحوت حوت آخر ، قال ( فنادى في الظلمات ) قال : ظلمة الحوت ، ثم حوت ، ثم ظلمة البحر .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر عن يونس أنه ناداه في الظلمات ( أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ولا شك أنه قد عنى بإحدى الظلمات بطن الحوت ، وبالأخرى ظلمة البحر ، وفي الثالثة اختلاف ، وجائز أن تكون تلك الثالثة ظلمة الليل ، وجائز أن تكون كون الحوت في جوف حوت آخر ، ولا دليل يدل على أي ذلك من أي ، فلا قول في ذلك أولى بالحق من التسليم لظاهر التنزيل .

وقوله ( لا إله إلا أنت سبحانك ) يقول : نادى يونس بهذا القول معترفا بذنبه تائبا من خطيئته ( إني كنت من الظالمين ) في معصيتي إياك .

كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال ( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) معترفا بذنبه ، تائبا من خطيئته .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال أبو معشر : قال محمد بن قيس : قوله ( لا إله إلا أنت سبحانك ) ما صنعت من [ ص: 518 ] شيء فلم أعبد غيرك ، ( إني كنت من الظالمين ) حين عصيتك .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا جعفر بن سليمان ، عن عوف الأعرابي ، قال : لما صار يونس في بطن الحوت ظن أنه قد مات ، ثم حرك رجله ، فلما تحركت سجد مكانه ، ثم نادى : يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع ما اتخذه أحد .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثني ابن إسحاق عمن حدثه ، عن عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت ، أوحى الله إلى الحوت : أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر عظما ، فأخذه ، ثم هوى به إلى مسكنه من البحر ، فلما انتهى به إلى أسفل البحر ، سمع يونس حسا ، فقال في نفسه : ما هذا ؟ قال : فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب البحر ، قال : فسبح وهو في بطن الحوت ، فسمعت الملائكة تسبيحه ، فقالوا : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبه ؟ قال : ذاك عبدي يونس ، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر ، قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح ؟ قال : نعم ، قال : فشفعوا له عند ذلك ، فأمر الحوت فقذفه في الساحل ، كما قال الله تبارك وتعالى : وهو سقيم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية