الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين ( 72 ) وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ( 73 ) ) [ ص: 471 ] يقول تعالى ذكره : ووهبنا لإبراهيم إسحاق ولدا ويعقوب ولد ولده ، نافلة لك .

واختلف أهل التأويل في المعني بقوله ( نافلة ) فقال بعضهم : عنى به يعقوب خاصة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) يقول : ووهبنا له إسحاق ولدا ، ويعقوب ابن ابن نافلة .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) والنافلة : ابن ابنه يعقوب .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) قال : سأل واحدا فقال ( رب هب لي من الصالحين ) فأعطاه واحدا ، وزاده يعقوب ، ويعقوب ولد ولده .

وقال آخرون : بل عنى بذلك إسحاق ويعقوب ، قالوا : وإنما معنى النافلة : العطية ، وهما جميعا من عطاء الله أعطاهما إياه .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان . عن ابن جريج عن عطاء في قوله ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) قال : عطية .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ( إسحاق ويعقوب نافلة ) قال : عطاء .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله .

[ ص: 472 ] قال أبو جعفر : وقد بينا فيما مضى قبل أن النافلة الفضل من الشيء يصير إلى الرجل من أي شيء كان ذلك ، وكلا ولديه إسحاق ويعقوب كان فضلا من الله تفضل به على إبراهيم وهبة منه له ، وجائز أن يكون عنى به أنه آتاهما إياه جميعا نافلة منه له ، وأن يكون عنى أنه آتاه نافلة يعقوب ولا برهان يدل على أي ذلك المراد من الكلام ، فلا شيء أولى أن يقال في ذلك مما قال الله ووهب الله له لإبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة .

وقوله ( وكلا جعلنا صالحين ) يعني عاملين بطاعة الله ، مجتنبين محارمه ، وعنى بقوله : ( كلا ) إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، وقوله : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) يقول تعالى ذكره : وجعلنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أئمة يؤتم بهم في الخير في طاعة الله في اتباع أمره ونهيه ، ويقتدى بهم ، ويتبعون عليه .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) جعلهم الله أئمة يقتدى بهم في أمر الله ، وقوله ( يهدون بأمرنا ) يقول : يهدون الناس بأمر الله إياهم بذلك ، ويدعونهم إلى الله وإلى عبادته ، وقوله ( وأوحينا إليهم فعل الخيرات ) يقول تعالى ذكره : وأوحينا فيما أوحينا أن افعلوا الخيرات ، وأقيموا الصلاة بأمرنا بذلك ( وكانوا لنا عابدين ) يقول : كانوا لنا خاشعين ، لا يستكبرون عن طاعتنا وعبادتنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية