الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 389 ] باب الجعالة فائدة قوله ( وهي أن يقول : من رد عبدي ، أو لقطتي ، أو بنى لي هذا الحائط . فله كذا ) . قال في الرعاية : وهي أن يجعل زيد شيئا معلوما لمن يعمل له عملا معلوما ، أو مجهولا مدة مجهولة . قال الحارثي : وهي في اصطلاح الفقهاء : جعل الشيء من المال لمن يفعل أمر كذا . قال : وهذا أعم مما قال المصنف . لتناوله الفاعل المبهم والمعين ، وما قال لا يتناول المعين . انتهى . قلت : لكنه يدخل بطريق أولى .

تنبيه : قوله " من رد عبدي " يقتضي صحة العقد في رد الآبق . وسيأتي آخر الباب : أن لرد الآبق جعلا مقدرا بالشرع . فالمستفاد إذن بالعقد : ما زاد على المقدر المشروع . فوجود الجعالة يوجب أكثر الأمرين من المقدر والمشروط قاله الحارثي . وظاهر كلام الأكثر : أنه لا يستحق إلا ما شرطه له ، وإن كان أقل من دينار . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع .

فائدة : الجعالة نوع إجارة لوقوع العوض في مقابلة منفعة ، وإنما تميز بكون الفاعل لا يلتزم الفعل ، وبكون العقد قد يقع مبهما لا مع معين . ويجوز في الجعالة الجمع بين تقدير المدة والعمل ، على الصحيح من المذهب . وقيل : لا كالإجارة . وتقدم ذلك في الإجارة أيضا . [ ص: 390 ] قوله ( فمن فعله بعد أن بلغه الجعل : استحقه ) بلا نزاع . فإن كانوا جماعة فهو بينهم بالسوية . وإن بلغه في أثنائه : استحق بالقسط . فإن تلف الجعل : كان له مثله ، إن كان مثليا ، وإلا قيمته . على الصحيح من المذهب . وقال في التبصرة : إذا عين عوضا ملكه بفراغ العمل . فلو تلف فله أجرة المثل .

فائدة : لو رده من نصف الطريق المعينة ، أو قال : من رد عبدي ، فرد أحدهما : فله نصف الجعل . وإن رده من ثلث الطريق : استحق الثلث . ومن ثلثي الطريق : استحق الثلثين . فيستحق إذا رده من أقرب من الموضع الذي عينه بالقسط . وإن رده من مسافة أبعد من المعينة . فله المسمى لا غير . ذكره في التلخيص . وتبعه في الرعاية وغيره . واقتصر عليه في الفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية