الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ( 62 ) قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ( 63 ) )

يقول تعالى ذكره : فأتوا بإبراهيم ، فلما أتوا به قالوا له : أأنت فعلت هذا بآلهتنا من الكسر بها يا إبراهيم ؟ فأجابهم إبراهيم : بل فعله كبيرهم هذا وعظيمهم ، فاسألوا الآلهة من فعل بها ذلك وكسرها إن كانت تنطق ، أو تعبر عن نفسها ؟ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال : لما أتي به واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود ( قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ) غضب من أن يعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها ، فكسرهن .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) . . . الآية ، وهي هذه الخصلة التي كادهم بها .

وقد زعم بعض من لا يصدق بالآثار ، ولا يقبل من الأخبار إلا ما استفاض به النقل من العوام ، أن معنى قوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) إنما هو : بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم ، أي إن كانت الآلهة المكسورة تنطق ، فإن كبيرهم هو الذي كسرهم ، وهذا قول خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات كلها في الله ، قوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) وقوله ( إني سقيم ) وقوله لسارة : [ ص: 462 ] هي أختي ، وغير مستحيل أن يكون الله تعالى ذكره أذن لخليله في ذلك ، ليقرع قومه به ، ويحتج به عليهم ، ويعرفهم موضع خطئهم ، وسوء نظرهم لأنفسهم ، كما قال مؤذن يوسف لإخوته ( أيتها العير إنكم لسارقون ) ولم يكونوا سرقوا شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية