الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : أول من ركب الخيل إسماعيل عليه السلام .

وفي الحديث الشريف أنه صلى الله عليه وسلم قال { : اركبوا الخيل ، فإنها ميراث أبيكم إسماعيل } . وذلك أن إسماعيل عليه السلام أول من ركبها على المشهور ; ولذلك سميت العراب وكانت قبل ذلك وحشا كسائر الوحوش ، فلما أذن الله تعالى إلى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام برفع القواعد من البيت قال الله عز وجل : إني معطيكما كنزا ادخرته لكما ، ثم أوحى الله إلى [ ص: 36 ] إسماعيل : أن اخرج فادع بذلك الكنز ، فخرج إلى أجياد ، وكان لا يدري ما الدعاء ، والكنز فألهمه الله عز وجل الدعاء ، فلم يبق على وجه الأرض فرس بأرض العرب إلا أجابته وأمكنته من نواصيها وتذللت له { ، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أحب إليه بعد النساء من الخيل } إسناده جيد رواه النسائي من حديث أنس رضي الله عنه .

وبالجملة الأحاديث النبوية ، والآثار الصحيحة في الخيل وفضيلتها وسباقها وسياستها وفضيلة اتخاذها وبركتها والنفقة عليها وخدمتها ومسح نواصيها ، والتماس نسلها ونمائها والنهي عن خصائها وجز نواصيها وأذنابها أمر معروف ; ولذا قال الناظم ( حتما ) أي حتمه حتما أي اقض به واحكم أمره واجزم بكراهة ذلك للنهي عنه ، وإنما خصه بقوله : حتما يعني لكون الكراهة فيه محققة بخلاف الذيل ، فإن الكراهة على الأشهر في ذلك .

قال في الفروع : ويكره جز معرفة وناصية ، وفي جز ذنبها روايتان أظهرهما يكره للخبر ، ثم علل ذلك بقوله : ( لإضرارها ) أي الدابة ( به ) أي جز معرفتها وذيلها ( لقطعك ) أنت أي ; لأنك قطعت ( ما ) أي الشعر الذي ( تدرأ ) أي تدفع وتذب ( به ) أي بذلك الشعر ( للمنكد ) أي للشيء الذي ينكد عليها ، فإنها إنما تدفعه بذيلها ، فإذا جززته فقد آذيتها بإزالتك الذي تدفع به المؤذي عنها إذ هو من أقوى أسلحتها وأوقيتها الدافعة عنها ما يؤلمها وينكد عليها من الذباب وغيره .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام { : أما أذنابها ، فإنها مذابها أي التي تذب بها عنها نحو الذباب ، وأما أعرافها ، فإنها أدفاؤها التي يحصل لها بها الدفء ويدفع عنها بها ألم البرد } . قال في القاموس الدفء بالكسر ويحرك نقيض حدة البرد كالدفاءة ، وجمعه أدفاء يقال دفيء كفرح وكرم وتدفأ واستدفأ وأدفأه ألبسه الدفاء لما يدفئه .

التالي السابق


الخدمات العلمية