الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ( 19 ) )

يقول تعالى ذكره : وكيف يجوز أن يتخذ الله لهوا ، وله ملك جميع من في السماوات والأرض ، والذين عنده من خلقه لا يستنكفون عن عبادتهم إياه ولا يعيون من طول خدمتهم له ، وقد علمتم أنه لا يستعبد والد ولده ولا صاحبته ، وكل من في السماوات والأرض عبيده ، فأنى يكون له صاحبة وولد ؟! يقول : أولا تتفكرون فيما تفترون من الكذب على ربكم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا علي قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( ولا يستحسرون ) لا يرجعون .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله ( ولا يستحسرون ) لا يحسرون .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله .

[ ص: 423 ] حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( ولا يستحسرون ) قال : لا يعيون .

حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة قوله : ( ولا يستحسرون ) قال : لا يعيون .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة مثله .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ) قال : لا يستحسرون ، لا يملون ، ذلك الاستحسار ، قال : ولا يفترون ، ولا يسأمون ، هذا كله معناه واحد والكلام مختلف ، وهو من قولهم : بعير حسير : إذا أعيا وقام; ومنه قول علقمة بن عبدة :


بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض ، وأما جلدها فصليب



التالي السابق


الخدمات العلمية