الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا

                                                                                                          حدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور فقال فوق هذا فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال دون هذا فأتي بسوط قد ركب به ولان فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد ثم قال أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2 - باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنى

                                                                                                          1562 1503 - ( مالك عن زيد بن أسلم ) العدوي مولاهم مرسلا لجميع الرواة ، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير مرسلا مثله ، وأخرجه ابن وهب من مرسل كريب نحوه ولا أعلمه يستند بلفظه من وجه ، قاله ابن عبد البر ( أن رجلا اعترف على نفسه بالزنى على عهد ) أي زمان ( رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا ) طلب ( له ) لأجله ( رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط ) ليجلد به لأنه غير محصن ( فأتي بسوط مكسور فقال فوق هذا ) لخفة إيلامه ( فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته ) بفتح المثلثة والميم والراء وفوقية أي طرفه ، قال الجوهري : وثمرة السياط عقد أطرافها ، وقال أبو عمر : أي لم يمتهن ولم يلن والثمرة الطرف ( فقال دون ) أي أقل من ( هذا ) وفوق الأول ( فأتي بسوط قد ركب به ) فذهبت عقدة طرفه ( ولان ) [ ص: 235 ] صار لينا مع بقاء صلابته بعدم كسره ( فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد ) مائة جلدة ( ثم قال : أيها الناس قد آن ) بالمد أي حان ( لكم أن تنتهوا عن حدود الله ) التي حرمها ( من أصاب من هذه القاذورات ) كل قول أو فعل يستقبح كالزنى والشرب والقذف وجمعها قاذورات ، سميت قاذورة ; لأن حقها أن تقذر فوصفت بما يوصف به صاحبها ( شيئا فليستتر بستر الله ) الذي أسبله عليه وليتب إلى الله ولا يظهره لنا ( فإنه من يبدي ) بالياء للإشباع كقراءة من يتقي ، وفي رواية بحذفها أي يظهر ( لنا ) معاشر الحكام ( صفحته ) هي لغة : جانبه ووجهه وناحيته ، والمراد من يظهر لنا ما ستره أفضل من حد أو تعزيز ( نقم عليه كتاب الله ) أي الحد الذي حده في كتابه ، والسنة من الكتاب ، فيجب على الشخص إذا فعل ما يوجب حدا الستر على نفسه والتوبة ، فإن خالف واعترف ثم الحاكم أقامه عليه ، وكما قال ذلك بعد جلد هذا الرجل قاله أيضا بعد رجم ماعز بن مالك الأسلمي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله " أخرجه البيهقي والحاكم وقال : على شرطهما من حديث ابن عمر ، وصححه ابن السكن وغيره ، وقول أبو عمر لا أعلمه موصولا بوجه ، قال الحافظ : مراده من حديث مالك ، ولما ذكره إمام الحرمين في النهاية ، قال : صحيح متفق على صحته ، فتعجب منه ابن الصلاح ، وقال : أوقعه فيه عدم إلمامه بصناعة الحديث التي يفتقر إليها كل عالم انتهى .

                                                                                                          لأن اصطلاحهم أن المتفق عليه ما رواه الشيخان معا .




                                                                                                          الخدمات العلمية