الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

                                                                                                          1707 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة قال أبو عيسى وفي الباب عن علي وعمران بن حصين والحكم بن عمرو الغفاري وهذا حديث حسن صحيح [ ص: 298 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 298 ] قوله : ( السمع ) لأولي الأمر بإجابة أقوالهم ( والطاعة ) لأوامرهم وأفعالهم ( على المرء المسلم ) أي حق وواجب عليه ( فيما أحب وكره ) أي فيما وافق غرضه أو خالفه ( ما لم يؤمر ) أي المسلم من قبل الإمام ( بمعصية ) أي بمعصية الله ( فإن أمر ) بضم الهمزة ( فلا سمع عليه ولا طاعة ) تجب بل يحرم إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وفيه أن الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب . قال المظهر : يعني سماع كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم يوافقه بشرط أن لا يأمره بمعصية ، فإن أمره بها فلا تجوز طاعته ، ولكن لا يجوز له محاربة الإمام .

                                                                                                          وقال النووي في شرح مسلم : قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين : لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه لذلك ، بل يجب وعظه وتخويفه ، للأحاديث الواردة في ذلك . قال القاضي : وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية وبقيام جماعة عظيمة من التابعين والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث ، وتأول هذا القائل قوله : أن لا تنازع الأمر أهله في أئمة العدل ، وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق بل لما غير من الشرع وظاهر من الكفر . قال القاضي : وقيل : إن هذا الخلاف كان أولا ، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن علي وعمران بن حصين والحكم بن عمرو الغفاري ) أما حديث علي فأخرجه الشيخان وأبو داود وابن ماجه . وأما حديث عمران بن حصين والحكم بن عمرو الغفاري فأخرجه البزار . قال الحافظ في الفتح : وعند البزار في حديث عمران بن حصين والحكم بن عمرو الغفاري : لا طاعة في معصية الله وسنده قوي انتهى .

                                                                                                          [ ص: 299 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، كذا في الجامع الصغير .




                                                                                                          الخدمات العلمية