الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ( 47 ) وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ( 48 ) )

يقول تعالى ذكره : قال إبراهيم لأبيه حين توعده على نصيحته إياه ودعائه إلى الله بالقول السيئ والعقوبة : سلام عليك يا أبت ، يقول : أمنة مني لك أن أعاودك فيما كرهت ، ولدعائك إلي ما توعدتني عليه بالعقوبة ، ولكني ( سأستغفر لك ربي ) يقول : ولكني سأسأل ربي أن يستر عليك ذنوبك بعفوه إياك عن عقوبتك عليها ( إنه كان بي حفيا ) يقول : إن ربي عهدته بي لطيفا يجيب دعائي إذا دعوته ، يقال منه : تحفى بي فلان . وقد بينت ذلك بشواهده فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته هاهنا .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( إنه كان بي حفيا ) يقول : لطيفا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( إنه كان بي حفيا ) قال : إنه كان بي لطيفا ، فإن الحفي : اللطيف . [ ص: 208 ]

وقوله ( وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ) يقول : وأجتنبكم وما تدعون من دون الله من الأوثان والأصنام ( وأدعو ربي ) يقول : وأدعو ربي ، بإخلاص العبادة له ، وإفراده بالربوبية ( عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) يقول : عسى أن لا أشقى بدعاء ربي ، ولكن يجيب دعائي ، ويعطيني ما أسأله .

التالي السابق


الخدمات العلمية