الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار استئناف بياني لأن ذكر حالة الإنسان الكافر المعرض عن شكر ربه يثير وصفها سؤال السامع عن عاقبة هذا الكافر ، أي : قل يا محمد للإنسان الذي جعل لله أندادا ، أي : قل لكل واحد من ذلك الجنس ، أو روعي في الإفراد لفظ الإنسان . والتقدير : قل تمتعوا بكفركم قليلا إنكم من أصحاب النار .

وعلى مثل هذين الإعتبارين جاء إفراد كاف الخطاب بعد الخبر عن الإنسان في قوله تعالى يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر في سورة القيامة .

والتمتع : الانتفاع الموقت ، وقد تقدم عند قوله تعالى ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين في سورة الأعراف .

والباء في " بكفرك " ظرفية أو للملابسة وليست لتعدية فعل التمتع . ومتعلق التمتع محذوفا دل عليه سياق التهديد . والتقدير : تمتع بالسلامة من العذاب في زمن كفرك أو متكسبا بكفرك تمتعا قليلا فأنت آئل إلى العذاب لأنك من أصحاب النار .

ووصف التمتع بالقليل لأن مدة الحياة الدنيا قليل بالنسبة إلى العذاب في الآخرة ، وهذا كقوله تعالى فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل .

وصيغة الأمر في قوله تمتع مستعملة في الإمهال ؛ المراد منه : الإنذار والوعيد .

وجملة إنك من أصحاب النار بيان للمقصود من جملة تمتع بكفرك قليلا وهو الإنذار بالمصير إلى النار بعد مدة الحياة .

[ ص: 345 ] و " من " للتبعيض لأن المشركين بعض الأمم والطوائف المحكوم عليها بالخلود في النار .

وأصحاب النار : هم الذين لا يفارقونها فإن الصحبة تشعر بالملازمة ، فأصحاب النار : المخلدون فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية