الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في بيان معنى الذمة وبيان أهلها وفي تسمية اليهود والنصارى والسامرة بهذه الأسماء : ومكروه استئماننا أهل ذمة لإحراز مال أو لقسمته اشهد ( ومكروه ) شرعا ، وتقدم أن المكروه ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله ، وأنه منهي عنه شرعا ( استئماننا ) معشر المسلمين أي اتخاذنا أمينا ( أهل ذمة ) أي أحدا منهم ; لأنهم أعداؤنا في الدين فكيف نأمنهم ونركن [ ص: 14 ] إليهم ، وأهل الذمة هم أهل العقد ، وقال أبو عبيدة : الذمة الأمان في قولهم : يسعى بذمتهم أدناهم والذمة الضمان ، والعهد أيضا ، والمراد بهم هنا اليهود والنصارى ، والمجوس إذ لا تعقد الذمة إلا لهم ، فإن اليهود ومنهم السامرة أهل التوراة ، وواحد اليهود يهودي ولكنهم حذفوا ياء النسب في الجمع كزنجي وزنج جعلوا الياء فيه كتاء التأنيث في نحو شعيرة وشعير .

وفي تسميتهم بذلك خمسة أقوال :

أحدها قولهم : { إنا هدنا إليك } .

الثاني : أنهم هادوا من عبادة العجل أي تابوا .

والثالث : أنهم مالوا عن دين الإسلام ودين موسى .

والرابع : أنهم يتهودون عند قراءة التوراة أي يتحركون ويقولون : السموات والأرض تحركت حين آتى الله موسى التوراة قاله أبو عمرو بن العلاء .

( الخامس ) : نسبتهم إلى يهوذا بن يعقوب فقيل لهم : يهوذ بالذال المعجمة ، ثم عرب بالمهملة نقله غير واحد كما في المطلع .

وأما السامرة فهم قبيلة من قبائل بني إسرائيل إليهم نسب السامري قال الزجاج : وهم إلى هذه الغاية في الشام يعرفون بالسامريين هكذا نقله ابن سيده ، وهم في زماننا يسمون السمرة بوزن الشجرة ، وهم طائفة من اليهود متشددون في دينهم ، وهم مقيمون بقصبة نابلس ، لهم دور وأملاك وهذه الطائفة خالفت جميع الملل فزعمت أن نابلس هي القدس وهم يصلون إلى الجبل الذي قبلي نابلس ، ويزعمون أن الصخيرات لها فضل عظيم ويزخرفون من عقولهم السخيفة وضلالاتهم الباطلة أشياء يروجونها على جهالهم .

وأما النصارى فواحدهم نصران ، والأنثى نصرانة بمعنى نصراني ونصرانية نسبة إلى قرية بالشام يقال لها نصران ، ويقال لها ناصرة ، وهي من أعمال صفد والنصارى يعظمونها ; لأن سيدنا عيسى نشأ بها ، والإفرنج فرقة من النصارى وهم الروم ويقال لهم بنو الأصفر قال في المطلع : ولم أر أحدا نص على هذه اللفظية ، والأشبه أنها مولدة ولعل ذلك نسبة إلى فرنجة بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثة ، وهي جزيرة من جزائر البحر والنسبة إليها فرنجي ، ثم حذفت الياء كزنجي وزنج ، فاليهود أهل التوراة والنصارى أهل الإنجيل .

وأما المجوس فلهم شبهة كتاب وليسوا من أهل الكتاب والله أعلم .

فيكره لنا أن نستأمن أحدا منهم لإحراز أبداننا في الطب ، فإنهم أعداؤنا ، ومن كان عدوا لنا فكيف نأمنه على أرواحنا سيما وهم يطلبونا بالثارات القديمة [ ص: 15 ] ويزعمون أن ما بأيدينا من أملاكهم ، وأنا سلبناهم ملكهم ودولتهم فمن كان بهذه المثابة كيف يؤمن على بدن ، أو غيره ؟ ومن ثم قال الناظم منبها بالأدنى على الأقل من باب أولى ( ل ) أجل ( إحراز ) أي حفظ ( مال ) من أموال المسلمين ( أو ) أي ومكروه استئماننا لأحد من أهل الذمة ( ل ) أجل ( قسمته ) أي المال ( اشهد ) بذلك واعتقده وإياك ، والعدول عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية