الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رجب ]

                                                          رجب : رجب الرجل رجبا : فزع . ورجب رجبا ، ورجب يرجب : استحيا ; قال :


                                                          فغيرك يستحيي وغيرك يرجب



                                                          ورجب الرجل رجبا ، ورجبه يرجبه رجبا ورجوبا ، ورجبه ، وترجبه ، وأرجبه ، كله : هابه وعظمه ، فهو مرجوب ، وأنشد شمر :


                                                          أحمد ربي فرقا وأرجبه



                                                          أي : أعظمه ومنه سمي رجب ، ورجب - بالكسر - أكثر ; قال :


                                                          إذا العجوز استنخبت فانخبها     ولا تهيبها ولا ترجبها



                                                          وهكذا أنشده ثعلب ; ورواية يعقوب في الألفاظ :

                                                          [ ص: 101 ]

                                                          ولا ترجبها ولا تهبها



                                                          شمر : رجبت الشيء : هبته ، ورجبته : عظمته . ورجب شهر سموه بذلك ; لتعظيمهم إياه في الجاهلية عن القتال فيه ولا يستحلون القتال فيه ، وفي الحديث : رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، قوله : بين جمادى وشعبان تأكيد للبيان وإيضاح له ; لأنهم كانوا يؤخرونه من شهر إلى شهر ، فيتحول عن موضعه الذي يختص به ، فبين لهم أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان ، لا ما كانوا يسمونه على حساب النسيء وإنما قيل : رجب مضر ، إضافة إليهم ، لأنهم كانوا أشد تعظيما له من غيرهم ، فكأنهم اختصوا به ، والجمع : أرجاب تقول : هذا رجب ، فإذا ضموا له شعبان ، قالوا : رجبان . والترجيب : التعظيم ، وإن فلانا لمرجب ، ومنه ترجيب العتيرة ، وهو ذبحها في رجب . وفي الحديث : هل تدرون ما العتيرة ؟ هي التي يسمونها الرجبية ، كانوا يذبحون في شهر رجب ذبيحة ، وينسبونها إليه . والترجيب : ذبح النسائك في رجب ، يقال : هذه أيام ترجيب وتعتار . وكانت العرب ترجب ، وكان ذلك لهم نسكا ، أو ذبائح في رجب . أبو عمرو : الراجب المعظم لسيده ، ومنه رجبه يرجبه رجبا ، ورجبه يرجبه رجبا ورجوبا ، ورجبه ترجيبا وأرجبه ، ومنه قول الحباب : عذيقها المرجب . قال الأزهري : أما أبو عبيدة والأصمعي ، فإنهما جعلاه من الرجبة لا من الترجيب الذي هو بمعنى التعظيم ، وقول أبي ذؤيب :


                                                          فشرجها من نطفة رجبية     سلاسلة من ماء لصب سلاسل



                                                          يقول : مزج العسل بماء قلت ، قد أبقاها مطر رجب هنالك ، والجمع : أرجاب ، ورجوب ورجاب ورجبات . والترجيب : أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تتكسر أغصانها . ورجب النخلة : كانت كريمة عليه فمالت ، فبنى تحتها دكانا تعتمد عليه لضعفها ، والرجبة : اسم ذلك الدكان ، والجمع رجب مثل ركبة وركب . والرجبية من النخل منسوبة إليه . ونخلة رجبية ورجبية : بني تحتها رجبة ، كلاهما نسب نادر ، والتثقيل أذهب في الشذوذ . التهذيب : والرجبة والرجمة أن تعمد النخلة الكريمة إذا خيف عليها أن تقع لطولها وكثرة حملها ، ببناء من حجارة ترجب بها أي : تعمد به ويكون ترجيبها أن يجعل حول النخلة شوك ، لئلا يرقى فيها راق فيجني ثمرها . الأصمعي : الرجمة بالميم ، البناء من الصخر تعمد به النخلة ، والرجبة أن تعمد النخلة بخشبة ذات شعبتين ، وقد روي بيت سويد بن صامت بالوجهين جميعا :


                                                          ليست بسنهاء ولا رجبية     ولكن عرايا في السنين الجوائح



                                                          يصف نخلة بالجودة ، وأنها ليس فيها سنهاء ، والسنهاء . التي أصابتها السنة يعني أضر بها الجدب ، وقيل : هي التي تحمل سنة وتترك أخرى ، والعرايا : جمع عرية ، وهي التي يوهب ثمرها والجوائح : السنون الشداد التي تجيح المال ، وقبل هذا البيت :


                                                          أدين وما ديني عليكم بمغرم     ولكن على الشم الجلاد القراوح



                                                          أي : إنما آخذ بدين ، على أن أؤديه من مالي وما يرزق الله من ثمرة نخلي ، ولا أكلفكم قضاء ديني عني . والشم : الطوال . والجلاد : الصابرات على العطش والحر والبرد . والقراوح : التي انجرد كربها ، واحدها قرواح ، وكان الأصل قراويح ، فحذف الياء للضرورة . وقيل : ترجيبها أن تضم أعذاقها إلى سعفاتها ، ثم تشد بالخوص لئلا ينفضها الريح ، وقيل : هو أن يوضع الشوك حوالي الأعذاق لئلا يصل إليها آكل فلا تسرق ، وذلك إذا كانت غريبة طريفة ، تقول : رجبتها ترجيبا . وقال الحباب بن المنذر : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، قال يعقوب : الترجيب هنا إرفاد النخلة من جانب ، ليمنعها من السقوط ، أي : إن لي عشيرة تعضدني ، وتمنعني ، وترفدني . والعذيق : تصغير عذق بالفتح ، وهي النخلة وقد ورد في حديث السقيفة : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب وهو تصغير تعظيم ، وقيل : أراد بالترجيب التعظيم . ورجب فلان مولاه أي : عظمه ، ومنه سمي رجب لأنه كان يعظم ، فأما قول سلامة بن جندل :


                                                          والعاديات أسابي الدماء بها     كأن أعناقها أنصاب ترجيب



                                                          فإنه شبه أعناق الخيل بالنخل المرجب ، وقيل شبه أعناقها بالحجارة التي تذبح عليها النسائك قال : وهذا يدل على صحة قول من جعل الترجيب دعما للنخلة ، وقال أبو عبيد : يفسر هذا البيت تفسيران : أحدهما أن يكون شبه انتصاب أعناقها بجدار ترجيب النخل ، والآخر أن يكون أراد الدماء التي تراق في رجب . وقال أبو حنيفة رجب الكرم : سويت سروغه ، ووضع مواضعه من الدعم والقلال . ورجب العود : خرج منفردا . والرجب : ما بين الضلع والقص . والأرجاب : الأمعاء ، وليس لها واحد عند أبي عبيد ، وقال كراع : واحدها رجب ، بفتح الراء والجيم . وقال ابن حمدويه : واحدها رجب - بكسر الراء وسكون الجيم - . والرواجب : مفاصل أصول الأصابع التي تلي الأنامل ، وقيل : هي بواطن مفاصل أصول الأصابع ، وقيل : هي قصب الأصابع وقيل : هي ظهور السلاميات ، وقيل : هي ما بين البراجم من السلاميات ، وقيل : هي مفاصل الأصابع ، واحدتها راجبة ، ثم البراجم ثم الأشاجع اللاتي تلي الكف . ابن الأعرابي : الراجبة البقعة الملساء بين البراجم ، قال : والبراجم المشنجات في مفاصل الأصابع في كل إصبع ثلاث برجمات ، إلا الإبهام وفي الحديث : ألا تنقون رواجبكم ؟ هي ما بين عقد الأصابع من داخل ، واحدها راجبة . والبراجم : العقد المتشنجة في ظاهر الأصابع ، الليث : راجبة الطائر الإصبع التي تلي الدائرة من الجانبين الوحشيين من الرجلين ، وقول صخر الغي :


                                                          تملى بها طول الحياة فقرنه     له حيد أشرافها كالرواجب



                                                          [ ص: 102 ] شبه ما نتأ من قرنه ، بما نتأ من أصول الأصابع إذا ضمت الكف ، وقال كراع : واحدتها رجبة ; قال : ولا أدري كيف ذلك ; لأن فعلة لا تكسر على فواعل . أبو العميثل : رجبت فلانا بقول سيئ ورجمته بمعنى صككته . والرواجب من الحمار : عروق مخارج صوته ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          طوى بطنه طول الطراد فأصبحت     تقلقل من طول الطراد رواجبه



                                                          والرجبة : بناء يبنى ، يصاد به الذئب وغيره ، يوضع فيه لحم ، ويشد بخيط فإذا جذبه سقط عليه الرجبة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية